النساء في العلوم والتكنولوجيا: رائدات حطمن الحواجز وغيرن العالم
النساء في العلوم والتكنولوجيا: رائدات حطمن الحواجز وغيرن العالم. عندما نفكر في تاريخ العلم والتكنولوجيا، غالبًا ما تتبادر إلى أذهاننا أسماء لامعة لرجال مثل نيوتن، أينشتاين، وستيف جوبز. لكن، خلف هؤلاء العمالقة، يقف تاريخ طويل وغني من الإنجازات المذهلة التي حققتها النساء. في الواقع، لطالما كانت النساء في العلوم والتكنولوجيا جزءًا أساسيًا من مسيرة التطور البشري. فمن الاكتشافات الطبية التي أنقذت الملايين، إلى الحسابات المعقدة التي أرسلتنا إلى القمر، وتطوير لغات البرمجة التي نستخدمها اليوم، لعبت النساء أدوارًا حيوية وحاسمة، وغالبًا ما كان ذلك في وجه تحديات اجتماعية وثقافية هائلة.
لذلك، في هذا المقال الشامل، سنسلط الضوء على هؤلاء الرائدات المجهولات والمشهورات. أولاً، سنقوم برحلة عبر التاريخ لنستكشف مساهمات النساء في العلوم منذ العصور القديمة وحتى الثورة الرقمية. بعد ذلك، سنناقش بصدق التحديات والحواجز التي واجهنها ولا يزلن يواجهنها في هذه المجالات. علاوة على ذلك، سنحتفي بأبرز إنجازاتهن التي غيرت عالمنا. وفي النهاية، سننظر إلى المستقبل الواعد وكيف يمكننا جميعًا دعم الجيل القادم من العالمات والمبتكرات. استعد للتعرف على قصص ملهمة من الشجاعة، الذكاء، والمثابرة.
1. لمحة تاريخية: نساء رائدات عبر العصور
إن قصة النساء في العلوم ليست قصة حديثة. بل هي متجذرة في عمق التاريخ.
أ. النساء في العلوم القديمة
في العالم القديم، وعلى الرغم من القيود الاجتماعية، برزت أسماء قليلة. والمثال الأبرز هو هيباتيا السكندرية (حوالي 350-415م). فقد كانت عالمة رياضيات، فلك، وفيلسوفة بارزة في الإسكندرية، وكانت رئيسة المدرسة الأفلاطونية المحدثة. وقد اشتهرت بتعليقاتها وشروحاتها على أعمال علماء كبار مثل بطليموس ودايوفانتوس، مما جعلها واحدة من آخر المفكرين العظماء في مكتبة الإسكندرية الأسطورية.
ب. الثورة العلمية والعصر الحديث
خلال الثورة العلمية وبعدها، أصبح من الصعب على النساء المشاركة رسميًا في الأوساط الأكاديمية. لكن هذا لم يمنعهن من المساهمة. وتبقى ماري كوري (1867-1934) هي الأيقونة الأبرز لهذه الفترة. فهذه العالمة البولندية-الفرنسية لم تكن فقط أول امرأة تفوز بجائزة نوبل. بل كانت أيضًا أول شخص والشخص الوحيد في التاريخ الذي يفوز بجائزة نوبل في مجالين علميين مختلفين (الفيزياء عام 1903 والكيمياء عام 1911). وقد أدت أبحاثها الرائدة حول النشاط الإشعاعي إلى تغيير فهمنا للذرة وفتحت الباب أمام عصر الطاقة النووية والعلاجات الإشعاعية.

2. رائدات العصر الرقمي: النساء اللواتي بنين عالمنا التكنولوجي
عندما نتحدث عن تاريخ الحوسبة، غالبًا ما نتجاهل الدور التأسيسي الذي لعبته النساء. فيما يلي بعض الأسماء التي يجب أن يعرفها الجميع:
أ. آدا لوفلايس (1815-1852): أول مبرمجة في التاريخ
تعتبر آدا لوفلايس، عالمة الرياضيات الإنجليزية، أول مبرمجة كمبيوتر في العالم. ففي القرن التاسع عشر، وقبل اختراع أجهزة الكمبيوتر الحديثة بوقت طويل، عملت مع تشارلز باباج على تصميمه النظري لـ “المحرك التحليلي”. وقد كتبت ما يُعتبر أول خوارزمية تم تصميمها ليتم تنفيذها بواسطة آلة. لذلك، هي لم ترَ فقط مستقبل الحوسبة، بل كتبت أولى سطوره.
ب. غريس هوبر (1906-1992): أم لغات البرمجة
كانت غريس هوبر عالمة كمبيوتر وأميرالًا في البحرية الأمريكية. ويعود لها الفضل في تطوير أول “مترجم برمجي” (Compiler)، وهو البرنامج الذي يترجم لغة البرمجة التي يفهمها الإنسان إلى لغة الآلة التي يفهمها الكمبيوتر. إن هذا الابتكار مهد الطريق لتطوير لغات برمجة أكثر سهولة في الاستخدام مثل COBOL، وجعل البرمجة متاحة لجمهور أوسع.
ج. كاثرين جونسون (1918-2020): العقل الذي أوصلنا إلى القمر
كانت كاثرين جونسون عالمة رياضيات أمريكية من أصل أفريقي عملت في وكالة ناسا. وفي عصر لم تكن فيه أجهزة الكمبيوتر الإلكترونية موثوقة بالكامل، كانت هي وفريقها من “الحواسيب البشرية” يقمن بإجراء الحسابات المدارية المعقدة يدويًا. وقد كانت حساباتها حاسمة لنجاح أولى رحلات الفضاء الأمريكية، بما في ذلك رحلة آلان شيبرد الأولى، ومهمة أبولو 11 التاريخية التي هبطت على سطح القمر. وقد تم تخليد قصتها في فيلم “Hidden Figures”.
وتقدم منظمات مثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة بيانات وتقارير مفصلة عن دور المرأة في هذه المجالات.

3. التحديات التي تواجه النساء في العلوم والتكنولوجيا اليوم
على الرغم من هذا التاريخ الحافل بالإنجازات، لا تزال النساء يواجهن تحديات كبيرة في مجالات العلوم، التكنولوجيا، الهندسة، والرياضيات (STEM).
- التحيزات المجتمعية والصور النمطية: لا تزال هناك صورة نمطية في العديد من الثقافات بأن هذه المجالات “ذكورية”. وهذا قد يثني الفتيات عن متابعة شغفهن العلمي منذ سن مبكرة.
- نقص التمثيل والقدوات: عندما لا ترى الفتيات نساءً أخريات في المناصب القيادية في هذه المجالات، قد يشعرن بأن هذا المسار ليس متاحًا لهن.
- فجوة الأجور: في معظم دول العالم، لا تزال النساء يتقاضين رواتب أقل من الرجال لأداء نفس الوظيفة في مجالات التكنولوجيا.
- التوازن بين العمل والحياة: غالبًا ما تقع مسؤولية رعاية الأسرة بشكل غير متناسب على عاتق النساء، مما قد يجعل من الصعب عليهن التنافس في بيئات عمل تتطلب ساعات طويلة.
إن هذه التحديات تبرز أهمية وجود نماذج ملهمة مثل العلماء العرب والمسلمين الذين برعوا في مجالاتهم.
4. كيف يمكننا دعم المرأة في العلوم والتكنولوجيا؟
- تشجيع التعليم المبكر: يجب تشجيع الفتيات منذ سن مبكرة على استكشاف مواد العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات وجعلها ممتعة ومتاحة لهن.
- توفير الإرشاد والقدوات: إن ربط الطالبات والعاملات الشابات بنساء ناجحات في هذه المجالات يمكن أن يوفر لهن الدعم والإلهام.
- خلق بيئات عمل داعمة: يجب على الشركات العمل بجد للقضاء على التحيز اللاواعي، ضمان المساواة في الأجور، وتوفير سياسات مرنة تدعم التوازن بين العمل والحياة.
المستقبل هو للجميع
في الختام، من الواضح أن تاريخ النساء في العلوم والتكنولوجيا هو قصة من المثابرة والإبداع في مواجهة التحديات. ورغم كل العقبات، واصلت النساء تقديم مساهمات حاسمة غيرت عالمنا. واليوم، ومع تزايد الوعي بأهمية التنوع، هناك حركة عالمية قوية لدعم وتمكين الجيل القادم من النساء في هذه المجالات الحيوية. لأن المستقبل، بكل ما يحمله من تقدم تكنولوجي واكتشافات علمية، يجب أن يكون من صنع الجميع ولصالح الجميع.
لماذا تغيب النساء عن “جنة” التكنولوجيا؟





