لماذا لا تتجمد الأسماك في القطب المتجمد الجنوبي؟
لماذا لا تتجمد الأسماك، رغم أن مياه القطب الجنوبي شديدة البرودة وتصل درجات حرارتها إلى ما دون الصفر، إلا أن الأسماك والكائنات البحرية لا تتجمد وتموت كما يتوقّع البعض. بل على العكس، تعيش وتتحرك بشكل طبيعي في بيئة تُعد من أبرد الأماكن على سطح الأرض.
فكيف تنجو الأسماك في هذه الظروف القاسية؟ وهل هناك سر بيولوجي في أجسامها؟ هذا ما سنكتشفه سويًا في هذا المقال العلمي المبسّط عن لماذا لا تتجمد الأسماك.
أولاً: ما درجة حرارة المياه في القطب الجنوبي؟
- في بعض مناطق القطب الجنوبي، تصل درجة حرارة المياه إلى -1.8 درجة مئوية، وهي درجة التجمد للمياه المالحة.
- هذه المياه المتجمدة قد تكون قاتلة لأي كائن غير مهيّأ بيولوجيًا لها.
- ومع ذلك، تعيش الأسماك مثل “Notothenioids” و”Cod Icefish” في هذه البيئة بكل سلاسة!
إذًا، لماذا لا تتجمد الأسماك؟
الجواب العلمي باختصار: لأن أجسامها تنتج بروتينات خاصة تُسمّى “البروتينات المقاومة للتجمد” (Antifreeze Proteins).
ما هي “البروتينات المقاومة للتجمد”؟ 🧬
هي نوع من البروتينات تمنع تكون البلورات الجليدية في سوائل الجسم، وتعمل على خفض درجة تجمد دم الأسماك وسوائلها الخلوية. وتسمى أيضًا:
- AFPs (Antifreeze Proteins)
- أو AFGPs (Antifreeze Glycoproteins)
كيف تعمل هذه البروتينات؟
- ترتبط مباشرة بجزيئات الجليد الصغيرة التي تبدأ بالتكوّن.
- تمنع هذه البلورات من التوسع والتحول إلى جليد حاد يُمزّق خلايا الجسم.
- بالتالي تبقى السوائل داخل الجسم سائلة حتى في درجات حرارة تحت الصفر!
من أين تأتي هذه البروتينات؟
تُنتج هذه البروتينات في:
- الكبد، ثم تُفرز في الدم
- ويمكن لبعض الأنواع إنتاجها في خلايا الجلد أو العضلات
وقد تطوّرت هذه الميزة عبر ملايين السنين بسبب الضغط البيئي في القطب.
هل هذا يعني أن دم الأسماك يتجمّد أحيانًا؟
لا، لكنه يقترب من التجمد جدًا. ومع ذلك، بفضل هذه البروتينات، تبقى درجة حرارة الدم ثابتة عند -1.7 إلى -1.8 درجة، دون تكوّن جليد فعلي.
أمثلة على الأسماك التي تعيش في القطب الجنوبي
- Antarctic Toothfish
- Icefish (Channichthyidae)
- Notothenia rossii
- Pagothenia borchgrevinki
هذه الأنواع تعتبر أبطال البقاء في الماء المتجمد، بفضل تكيفات نادرة وفريدة.
لماذا لا نجد هذه البروتينات في كل الأسماك؟
لأنها تكيف تطوري خاص ببيئة القطب الجنوبي والشمالي. الأسماك التي تعيش في المياه المعتدلة أو الدافئة لا تحتاج لهذا النظام، بل إن وجود هذه البروتينات قد يضرها في بيئاتها الأصلية.
هل يستطيع الإنسان الاستفادة من هذه البروتينات؟
نعم! العلماء يقومون بدراسات مكثفة لاستعمال هذه البروتينات في:
- حفظ الأعضاء البشرية في درجات حرارة منخفضة قبل الزراعة
- حفظ الأغذية والمأكولات البحرية دون تلف
- تطوير تكنولوجيا تحمي الأدوية واللقاحات من التلف أثناء التجميد
- الهندسة الوراثية للمحاصيل لتقاوم الصقيع
اقرأ عن دراسة جامعة Harvard حول استخدام بروتينات الأسماك في الطب
ماذا عن الكائنات الأخرى في القطب؟ هل لديها وسائل مشابهة؟
نعم، الكائنات الأخرى مثل:
- الديدان البحرية
- البلانكتون
- وحتى بعض الجمبري والقشريات
تمتلك آليات مشابهة أو مختلفة للبقاء في البيئة المتجمدة، تشمل السكريات المقاومة للتجمد أو تغيير في تكوين أغشية الخلايا.
كيف تنجو الأسماك من الموت في مياه تحت الصفر؟
لأنها ليست عادية على الإطلاق!
هي كائنات طوّرت مع مرور الزمن نظامًا بيولوجيًا متطورًا يعتمد على:
- بروتينات مقاومة للتجمد
- دم خاص خالٍ من الهيموغلوبين في بعض الأنواع
- مرونة في تركيب الخلايا والأنسجة
كل ذلك يجعلها مثالًا حيًا على عظمة الخلق، وقوة التكيف الطبيعي.
