لون الغيوم الأبيض ولماذا تظهر بيضاء: التفسير العلمي وراء ألوان الغيوم المختلفة
يتساءل الكثيرون عن لون الغيوم الأبيض ولماذا تظهر بيضاء في السماء، بينما يتغير لونها أحيانًا إلى الرمادي أو حتى الداكن قبل العواصف. ورغم أننا نرى الغيوم يوميًا، إلا أن فهم لون الغيوم الأبيض ولماذا تظهر بيضاء يكشف عن حقائق فيزيائية مدهشة حول الضوء وتفاعل الغلاف الجوي معه.
في هذا المقال نكشف الحقائق العلمية وراء اللون الأبيض للغيوم بطريقة مبسّطة، مع تسليط الضوء على الظواهر الفيزيائية التي تساهم في ظهور هذا اللون المميز.
ما هي الغيوم وكيف تتشكل؟
قبل معرفة سبب اللون الأبيض، لا بد من فهم ماهية الغيوم وكيف تتكون. فالغيوم في حقيقتها ليست سوى تجمعات هائلة من قطرات الماء المجهرية أو بلورات الثلج الدقيقة التي تتشكل عندما يرتفع الهواء الدافئ المحمّل ببخار الماء إلى طبقات أعلى في الغلاف الجوي، حيث تنخفض درجة حرارته تدريجيًا، فيبدأ بخار الماء بالتكاثف على جزيئات صغيرة موجودة في الهواء مثل الغبار أو الأملاح.
تتفاوت كمية بخار الماء في الهواء من منطقة لأخرى، وكلما زادت كمية البخار ازدادت فرصة تكوّن الغيوم. وتلعب الرياح دورًا مهمًا في رفع الهواء الدافئ، سواءً بفعل التيارات الصاعدة أو حركة الكتل الهوائية المختلفة. ومع استمرار عملية التكاثف، تتجمع قطرات الماء الصغيرة لتشكّل الغيوم التي نراها في السماء.
والمثير للاهتمام أن هذه القطرات الصغيرة ليست كبيرة بما يكفي لتسقط مباشرة إلى الأرض، وليست خفيفة لدرجة غير قابلة للرؤية؛ ولكن حجمها الدقيق يسمح لها بالبقاء معلّقة في الهواء بفعل التيارات الهوائية، مكوّنة ذلك المنظر الأبيض الناعم الذي نعتاد رؤيته يوميًا.
وتساعد معرفة لون الغيوم الأبيض ولماذا تظهر بيضاء على تفسير كيفية تفاعل الضوء مع قطرات الماء الدقيقة داخل الغيمة.
التفسير الفيزيائي لظهور اللون الأبيض
إن السبب الرئيسي وراء اللون الأبيض للغيوم يعود لظاهرة فيزيائية مهمة تُعرف باسم “تبعثر الضوء” (Light Scattering)، وهي نفس الظاهرة التي تفسّر العديد من المشاهد الطبيعية كالسماء الزرقاء وألوان الغروب. ولكن في حالة الغيوم، يحدث هذا التبعثر بطريقة مختلفة تمامًا تجعلها تظهر بلونها الأبيض الناصع.
عندما يصل ضوء الشمس إلى الغيوم، فإنه يتكوّن من جميع ألوان الطيف المرئي. وبدل أن تنعكس بعض الألوان فقط، تقوم قطرات الماء داخل الغيمة بتبعثر جميع الألوان بشكل متساوٍ تقريبًا بسبب حجمها الأكبر مقارنة بجزيئات الهواء. ونتيجة لذلك، تمتزج كل الألوان معًا، ويظهر اللون الأبيض الذي نراه بالعين المجردة.

كيف يحدث ذلك؟
يحتوي ضوء الشمس على جميع ألوان الطيف المرئي. وعندما يصطدم هذا الضوء بقطرات الماء داخل الغيوم، فإن هذه القطرات تقوم بـتبعثر الضوء في جميع الاتجاهات.
- الغيوم تتلقى ضوء الشمس الكامل بألوانه السبعة.
- قطرات الماء داخل الغيمة أكبر من جزيئات الهواء، وبالتالي تُشتت الضوء بطريقة متساوية تقريبًا.
- يمتزج الضوء المتشتت فينتج عنه اللون الأبيض المرئي للعين.
وهكذا يظهر لنا لون الغيوم أبيض في معظم الأوقات نتيجة امتزاج كل ألوان الضوء معًا.
أسباب تغيّر ألوان الغيوم
1. الغيوم الرمادية أو الداكنة
عندما تزداد كثافة الغيوم وتتراكم طبقاتها، تصبح أشعة الشمس غير قادرة على اختراقها بسهولة، فيتم امتصاص جزء من الضوء أو انعكاسه بعيدًا عن أعيننا.
ولذلك نراها بلون رمادي أو داكن، خصوصًا عند اقتراب المطر أو العواصف.
يختلف لون الغيوم الأبيض ولماذا تظهر بيضاء عن اللون الرمادي بسبب اختلاف كثافة الغيوم وقدرتها على السماح للضوء بالمرور.

2. الغيوم عند الغروب
أثناء الغروب تكون زاوية سقوط أشعة الشمس منخفضة، مما يجعل الضوء يقطع مسافة أطول داخل الغلاف الجوي. في هذه الحالة تُشتت الألوان القصيرة مثل الأزرق، وتبقى الألوان الطويلة مثل الأحمر والبرتقالي التي تُلون الغيوم.
فهم لون الغيوم الأبيض ولماذا تظهر بيضاء يساعد أيضًا في قراءة الحالة الجوية وتوقع تغيّرات الطقس.

أنواع الغيوم التي نراها بيضاء غالبًا
رغم اختلاف أشكال الغيوم، إلا أن هناك أنواعًا تُعرف بلونها الأبيض الواضح:
الغيوم الركامية (Cumulus Clouds)
- تظهر كالقطن الأبيض المتراكم.
- تدل غالبًا على جو مستقر.
- خفيفة نسبيًا ولهذا تبدو بيضاء.
الغيوم الطبقية (Stratus Clouds)
- تظهر كطبقة واسعة تمتد عبر السماء.
- قد تميل إلى الرمادية إذا زادت كثافتها.

الغيوم السمحاقية (Cirrus Clouds)
- رقيقة وعالية جدًا في السماء.
- غالبًا ما تكون بيضاء بسبب تكوّنها من بلورات الثلج.

هل للون الغيوم علاقة بالتغير المناخي؟
تشير الدراسات الحديثة إلى أن تغير المناخ قد يؤثر على كثافة الغيوم وخصائصها الفيزيائية، وبالتالي يؤثر على انعكاس الضوء وامتصاص الحرارة، وهو ما قد يساهم في تغير درجات الحرارة العالمية.
فزيادة كثافة الغيوم أو تغير تركيبها يؤدي إلى تغيّر واضح في ألوانها وفي طريقة تفاعلها مع ضوء الشمس.
أسئلة شائعة حول لون الغيوم الأبيض
هل يمكن أن تكون الغيوم ملوّنة؟
نعم، ففي حالات نادرة تظهر الغيوم بألوان مثل الوردي أو الأخضر بسبب زوايا انعكاس الضوء أو التلوث أو ظواهر جوية معينة.
هل توجد غيوم على كواكب أخرى؟
نعم! فعلى كوكب الزهرة تتكوّن الغيوم من حمض الكبريتيك، بينما على المشتري تتشكل من الأمونيا. وتختلف ألوانها حسب تركيبها الكيميائي والضوء المنعكس عنها.
الغيوم ليست مجرد كتل هواء… بل لوحات ضوئية في السماء
إن لون الغيوم الأبيض ليس مجرد مظهر بصري عابر، بل نتيجة مباشرة لتفاعل الضوء مع قطرات الماء الدقيقة. هذا المشهد البسيط يخفي وراءه ظواهر فيزيائية رائعة تؤكد جمال الطبيعة ودقتها.
وفي المرة القادمة التي تشاهد فيها غيمة بيضاء، تذكّر أنها تحمل في داخلها ألوان الطيف كلها، لكنها تمتزج لتظهر بلون واحد فقط: الأبيض.
اقرأ في مقالنا عن:
- الظواهر الفلكية النادرة: مشاهد سماوية مدهشة تذهل العلماء والمراقبين
- الكرة النارية في السماء: هل هي نيزك أم شيء آخر؟
- البرق الذي يضرب من السماء إلى الفضاء: اكتشاف أغرب الظواهر الجوية





