لون الغيوم الأبيض: الحقائق العلمية وراء اللون الأبيض للغيوم
من منا لم يرفع رأسه يومًا إلى السماء متأملًا شكل الغيوم البيضاء وهي تتحرك ببطء فوقه؟ لكن السؤال العلمي الذي قد لا يخطر على بال الكثيرين هو: لماذا لون الغيوم الأبيض؟ ما الذي يجعلها تختلف عن لون السماء الزرقاء؟ ولماذا يتغير لونها أحيانًا إلى الرمادي أو حتى الأسود قبل العواصف؟
في هذا المقال، سنستعرض الحقائق العلمية وراء اللون الأبيض للغيوم، بأسلوب مبسّط وممتع، مع إشارات إلى الظواهر الفيزيائية التي تقف خلف هذه الظاهرة الطبيعية المدهشة.
ما هي الغيوم؟
قبل أن نجيب عن سؤال “لماذا الغيوم لونها أبيض؟”، علينا أن نعرف أولًا ما هي الغيوم فعلًا.
الغيوم هي تجمعات من قطرات ماء صغيرة جدًا أو بلورات ثلجية معلّقة في طبقات الجو العليا. تتكوّن هذه الغيوم عندما يرتفع الهواء الدافئ المحمّل ببخار الماء، ويبرد تدريجيًا، مما يؤدي إلى تكاثف البخار وتكوّن قطرات الماء الدقيقة.
هذه القطرات صغيرة جدًا لدرجة أنها تظل عالقة في الهواء بفعل التيارات الهوائية، وتكوّن معًا ما نراه ككتل بيضاء في السماء.
لماذا لون الغيوم أبيض؟ (التفسير الفيزيائي)
السبب الرئيسي وراء لون الغيوم الأبيض يعود إلى ما يُعرف في الفيزياء بظاهرة “تبعثر الضوء” (Light Scattering).

كيف يحدث ذلك؟
- الضوء القادم من الشمس يحتوي على جميع ألوان الطيف المرئي: الأحمر، البرتقالي، الأصفر، الأخضر، الأزرق، النيلي، والبنفسجي.
- عندما يصطدم ضوء الشمس بقطرات الماء الدقيقة داخل الغيمة، تقوم هذه القطرات بتبعثر الضوء في كل الاتجاهات.
- على عكس جزيئات الهواء (التي تُشتت الضوء الأزرق أكثر مما تعكس باقي الألوان، فتجعل السماء زرقاء)، فإن قطرات الماء في الغيوم أكبر حجمًا، وبالتالي تُشتت كل ألوان الضوء بشكل متساوٍ تقريبًا.
- نتيجة لذلك، تمتزج كل الألوان معًا ويظهر لنا الضوء الأبيض.
وهذا ما يجعل لون الغيوم أبيض في معظم الحالات.
اقرأ أكثر عن تبعثر الضوء هنا:
NASA – Why is the sky blue?
لماذا تتغير ألوان الغيوم أحيانًا؟
1. الغيوم الرمادية أو الداكنة
عندما تزداد كثافة الغيوم ويصبح عدد طبقاتها كبيرًا، فإن أشعة الشمس لا تستطيع اختراقها بسهولة، فتمتص الغيمة جزءًا من الضوء أو تعكسه لأعلى بدلًا من الأسفل.
وهكذا، نرى الغيمة بلون رمادي أو أحيانًا أسود، خصوصًا في حالات الطقس السيئ، أو قبيل هطول الأمطار.

2. الغيوم عند الغروب
في أوقات الغروب، يصبح زاوية دخول ضوء الشمس منخفضة، مما يؤدي إلى تلوّن الغيوم بالأحمر أو البرتقالي، بسبب تشتت الأطوال الموجية القصيرة (الأزرق والبنفسجي) وبقاء الأطوال الطويلة (الأحمر والبرتقالي).

أنواع الغيوم التي نراها بيضاء غالبًا
ليست كل الغيوم بيضاء دائمًا، ولكن هناك بعض الأنواع التي تشتهر بلونها الأبيض الساطع:
الغيوم الركامية (Cumulus Clouds)
- تُشبه القطن المنفوش
- تظهر في أيام الطقس الجيد
- تكون بيضاء لأن طبقتها ليست كثيفة جدًا

الغيوم الطبقية (Stratus Clouds)
- مفرودة على شكل طبقة
- تميل إلى الرمادية أحيانًا

الغيوم السمحاقية (Cirrus Clouds)
- عالية جدًا في السماء
- غالبًا ما تكون رقيقة وبيضاء

هل للون الغيوم علاقة بالتغير المناخي؟
نعم، هناك أبحاث حديثة تشير إلى أن التغير المناخي قد يؤثر على كثافة الغيوم وتركيبتها، وبالتالي طريقة انعكاس الضوء.
فكلما زادت كثافة الغيوم وتغيرت خصائصها الفيزيائية، زادت احتمالية امتصاص الحرارة أو عكسها مرة أخرى إلى الفضاء، مما يؤثر على درجة حرارة الأرض.
للمزيد من المعلومات:
NASA Earth Observatory – Clouds and Climate
أسئلة شائعة حول لون الغيوم الأبيض
هل يمكن أن تكون الغيوم ملوّنة بألوان غريبة؟
في حالات نادرة، قد تظهر الغيوم بألوان مثل الوردي أو الأخضر بسبب انكسار الضوء وظروف مناخية معينة، أو بسبب تلوث الجو.
هل هناك غيوم على كواكب أخرى؟
نعم! على سبيل المثال، كوكب الزهرة يحتوي على غيوم كثيفة من حمض الكبريتيك، بينما يحتوي كوكب المشتري على غيوم من الأمونيا، لكن ألوانها تختلف بسبب التركيب الكيميائي والضوء المنعكس.
الغيوم ليست مجرد كتل هواء… بل لوحات ضوئية في السماء!
في النهاية، فإن لون الغيوم الأبيض ليس مجرد مظهر بصري عشوائي، بل نتيجة مباشرة لتفاعل ضوء الشمس مع جزيئات الماء في الغلاف الجوي.
هذا المشهد الطبيعي البسيط الذي نراه كل يوم يخفي وراءه ظواهر فيزيائية معقدة وجميلة في آنٍ واحد.
في المرة القادمة التي ترى فيها غيمة بيضاء في السماء، تذكّر أنها تُعيد إلى عينيك كل ألوان الطيف ممزوجة بلطف في لون واحد: الأبيض.