نجم الشمال عند العرب: الدليل السماوي عبر العصور
يستكشف هذا المقال كل ما يخص نجم الشمال عند العرب، ويجيب على سؤال ما هو اسم نجم الشمال الحقيقي (بولاريس). سنوضح كيفية تحديد موقع نجم الشمال بسهولة، ونشرح أهمية النجم القطبي للملاحة عبر التاريخ، ونتناول حقيقة تغير نجم الشمال عبر العصور بسبب حركة الأرض.
ما هو هذا النجم (بولاريس)؟
نجم الشمال، أو “بولاريس” كما يُعرف علميًا، ليس نجمًا عاديًا. إنه النجم الذي يظهر ثابتًا تقريبًا في سماء الليل بينما تبدو جميع النجوم الأخرى وكأنها تدور حوله. وهذا يرجع إلى موقعه شبه المثالي فوق القطب الشمالي للأرض.
حقائق علمية مذهلة عن النجم القطبي
- ليس نجمًا واحدًا: على عكس ما يعتقده الكثيرون، فإن بولاريس ليس نجمًا منفردًا. بل هو نظام نجمي ثلاثي. يتكون من النجم العملاق الأصفر “بولاريس A”، ونجمين مرافقين أصغر حجمًا هما “بولاريس B” و “بولاريس Ab”.
- نجم متغير: النجم الرئيسي، بولاريس A، هو نجم متغير قيفاوي. وهذا يعني أن سطوعه يتغير بشكل طفيف ومنتظم على مدار بضعة أيام. يستخدم علماء الفلك هذا التغير لحساب المسافات الكونية.
- المسافة والسطوع: يبعد عنا حوالي 433 سنة ضوئية. وعلى الرغم من أنه يبدو ساطعًا لنا، إلا أنه في الواقع يحتل المرتبة 48 فقط في قائمة ألمع النجوم في السماء.

الأهمية المحورية: لماذا يعتبر نجم الشمال مرجعًا كونيًا؟
تكمن أهمية هذا النجم في ثباته الظاهري. فبينما يتغير موقع كل شيء في السماء بسبب دوران الأرض، يبقى بولاريس في مكانه تقريبًا، مشيرًا دائمًا إلى اتجاه الشمال الجغرافي الحقيقي.
دليل طبيعي للملاحة والاتجاهات
قبل اختراع البوصلة ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، كان البحارة والمستكشفون يعتمدون بشكل كلي على النجوم لتحديد طريقهم. كان النجم القطبي هو مرجعهم الأكثر موثوقية. فبمجرد تحديد موقعه، يمكنهم معرفة اتجاه الشمال. وبالتالي، يمكنهم تحديد بقية الاتجاهات (الجنوب، الشرق، والغرب). نجم الشمال عند العرب
أداة لتحديد خطوط العرض
إلى جانب تحديد الاتجاهات، استخدم الملاحون هذا النجم لتحديد خط العرض الذي يتواجدون فيه. إن ارتفاع نجم الشمال فوق الأفق (بالدرجات) يساوي تقريبًا خط عرض الراصد. على سبيل المثال، إذا رأيت نجم الشمال على ارتفاع 30 درجة فوق الأفق، فهذا يعني أنك تقف عند خط عرض 30 درجة شمالًا. لقد كانت هذه الطريقة بسيطة وفعالة للغاية.
جدول ملخص لأهم أسرار نجم الشمال عند العرب
| المحور | الشرح والتفاصيل | الخلاصة |
|---|---|---|
| الهوية والاسم | يجيب هذا المحور على سؤال ما هو اسم نجم الشمال الحقيقي، وهو “بولاريس” (Polaris)، وهو ليس نجمًا واحدًا بل نظام ثلاثي. | النجم الأكثر سطوعًا في كوكبة الدب الأصغر. |
| طريقة الإيجاد | توضح كيفية تحديد موقع نجم الشمال باستخدام كوكبة الدب الأكبر كمؤشر رئيسي في سماء الليل. | مرجع سماوي سهل العثور عليه لتحديد اتجاه الشمال. |
| الأهمية التاريخية | تتجلى أهمية النجم القطبي للملاحة في كونه مرجعًا ثابتًا استخدمه البحارة والمستكشفون لقرون. | بوصلة طبيعية ساهمت في استكشاف العالم. |
| الثبات النسبي | يشرح حقيقة تغير نجم الشمال عبر العصور بسبب ترنح محور الأرض، حيث كان نجم “الثعبان” هو النجم القطبي في الماضي. | ثباته مؤقت بالمعايير الفلكية لكنه دائم بمقاييسنا البشرية. |
دليل عملي: كيف أجد نجم الشمال عند العرب في السماء؟
إن العثور على بولاريس أسهل مما تتوقع. لا تحتاج إلى تلسكوب، بل فقط إلى سماء صافية ومعرفة شكل كوكبتين شهيرتين.
الطريقة الأولى: باستخدام كوكبة الدب الأكبر (Big Dipper)
هذه هي الطريقة الأكثر شهرة وسهولة:
- ابحث عن الدب الأكبر: ابحث عن شكل يشبه مقلاة كبيرة أو مغرفة لها مقبض. هذه الكوكبة من السهل جدًا تمييزها.
- حدد النجمين المؤشرين: انظر إلى النجمين الموجودين في نهاية “المقلاة” (الجزء المقابل للمقبض). يُطلق عليهما “مراق” و “الدبة” (Merak and Dubhe).
- ارسم خطًا وهميًا: ارسم خطًا وهميًا بين هذين النجمين، ثم قم بمده في خط مستقيم إلى الأعلى (خارج المقلاة) بمقدار خمسة أضعاف المسافة بينهما.
- ستجد هذا النجم: سيوصلك هذا الخط مباشرة إلى نجم ساطع يقف بمفرده نسبيًا. هذا هو نجم الشمال.

الطريقة الثانية: باستخدام كوكبة ذات الكرسي (Cassiopeia)
في بعض الأوقات من السنة، قد يكون الدب الأكبر منخفضًا في الأفق ويصعب رؤيته. في هذه الحالة، يمكنك استخدام كوكبة ذات الكرسي:
- ابحث عن ذات الكرسي: ابحث في الجانب المقابل من السماء عن كوكبة تشبه حرف “W” أو “M”.
- تخيل أنها سهم: النجوم الثلاثة في منتصف حرف “W” تشكل رأس سهم.
- اتبع اتجاه السهم: سيوجهك هذا السهم مباشرة نحو نجم الشمال.
وهم الثبات: هل سيبقى بولاريس نجم الشمال إلى الأبد؟
على الرغم من أنه يبدو ثابتًا في السماء، إلا أن هذا الوضع مؤقت بالمعايير الفلكية. فمحور دوران الأرض يترنح ببطء شديد في حركة دائرية، مثلما يفعل البلبل عندما تبطؤ سرعته. تُعرف هذه الظاهرة بـ “الترنح المحوري” أو “مبادرة الاعتدالين”، وتستغرق دورتها الكاملة حوالي 26,000 عام.
نجم الشمال عند العرب في الماضي والمستقبل
بسبب هذا الترنح، يتغير النجم الذي يشير إليه القطب الشمالي بمرور الوقت:
- قبل 4800 عام: في زمن بناء الأهرامات المصرية، لم يكن بولاريس هو النجم القطبي. بل كان نجمًا في كوكبة التنين يُدعى “الثعبان” (Thuban).
- بعد 12,000 سنة: سيتحرك محور الأرض بعيدًا عن بولاريس وسيقترب من نجم آخر شديد السطوع هو “فيغا” (Vega)، ليصبح هو النجم القطبي الجديد.
نجم الشمال في الثقافة والتاريخ الإنساني
لعب نجم الشمال عند العرب دورًا ثقافيًا ورمزيًا هائلاً عبر الحضارات.
- في الملاحة الإسلامية والعربية: اعتمد الملاحون العرب بشكل كبير على “النجم القطبي” لتحديد اتجاه القبلة وتوجيه سفنهم التجارية في المحيط الهندي.
- لدى العبيد الفارين: في أمريكا الشمالية خلال القرن التاسع عشر، كان نجم الشمال منارة أمل للعبيد الفارين. لقد اتبعوه شمالاً للوصول إلى الولايات الحرة وكندا، وأطلقوا عليه اسم “قرعة الشرب” (The Drinking Gourd).
- في الأساطير: ارتبط النجم في العديد من الثقافات بالثبات، والنظام الإلهي، والمركز الذي يدور حوله كل شيء.
اقرأ في مقالنا عن: الشهاب في الحلم والنجم الساقط: رمزية التحوّل المفاجئ
رمز خالد للإرشاد والثبات
في الختام، يُعد نجم الشمال أكثر من مجرد نقطة ضوء. إنه رمز للدلالة على الاتجاه والثبات عبر تاريخ البشرية. وعلى الرغم من أن دوره كنجم قطبي سينتهي بعد آلاف السنين، إلا أن إرثه كدليل سماوي موثوق سيظل محفورًا في تاريخ العلم والملاحة والاستكشاف. إنه يذكرنا بأنه حتى في عالم دائم التغير، يمكننا دائمًا أن نجد نقطة مرجعية ثابتة ترشدنا في الظلام.
هل تعرف كيف ان تجد نجم الشمال ؟





