الطفرات الجينية في البشر

الطفرات الجينية في البشر: لماذا يحتوي كل إنسان

تعد الطفرات الجينية في البشر ظاهرة طبيعية ومستمرة، وتحدث في أجسامنا طوال الحياة. كل واحد منا يحمل عشرات الآلاف من التغيرات الصغيرة في الحمض النووي، بعضها يولد معنا، والبعض الآخر يتراكم مع مرور الوقت. المدهش أن هذه الطفرات لا تقتصر على المرضى أو كبار السن، بل توجد في أجسام الجميع، بدءًا من الدم وصولًا إلى خلايا الدماغ.

كيف تحدث الطفرات الجينية؟

الطفرات الجينية في البشر تحدث نتيجة أخطاء أثناء نسخ الحمض النووي في عملية انقسام الخلايا. ورغم وجود أنظمة تصحيح مدمجة داخل الجسم، إلا أن هذه الأخطاء تحدث بمعدل طبيعي مستمر.

“الجسم ليس نسخة جينية واحدة، بل هو مزيج من الخلايا المختلفة جينيًا”، كما يوضح عالم الوراثة كريستيان تيغن.

الطفرات في خلايا الدم: المؤشر الأول

من أولى الأماكن التي لاحظ فيها العلماء تراكم الطفرات الجينية في البشر كانت خلايا الدم.
فمن خلال تحليل الحمض النووي لخلايا الدم، تبين أن بعض الخلايا تكتسب طفرات تمنحها قدرة على الانقسام السريع، مما يؤدي إلى تشكل مجموعات من الخلايا المتطابقة – وهي عملية تُعرف بـ “الاستنساخ المتمدد”.

الطفرات الجينية في أنسجة الجسم المختلفة

لا تقتصر الطفرات الجينية في البشر على الدم فقط، بل تظهر كذلك في أنسجة الجلد والمعدة والمريء والكبد.

في دراسة عام 2015، وجد الباحثون أن خلايا الجلد السليمة لدى البالغين تحتوي على طفرات عادةً ما تُربط بسرطان الجلد. هذا يشير إلى أن وجود الطفرات لا يعني بالضرورة وجود المرض، بل هو جزء من التجربة الجينية الطبيعية في جسم الإنسان.

الطفرات الجينية في الدماغ: مفاجآت غير متوقعة

الطفرات الجينية في البشر
الطفرات الجينية في البشر

الصورة:وجود خلايا طافرة لا يعني بالضرورة تطور المرض، لكنه قد يغيّر من وظائف الأنسجة.
📸 Adapted from A. Herms & P.H. Jones / AR Cancer Biology 2023 / Knowable Magazine

بالرغم من أن خلايا الدماغ لا تنقسم بعد الولادة، إلا أن العلماء وجدوا طفرات في الخلايا العصبية.
ويعتقد أن بعض هذه الطفرات تظهر أثناء النمو الجنيني، مما يخلق تباينًا وراثيًا بين خلايا الدماغ في نفس الشخص.
قد ترتبط هذه الطفرات باضطرابات مثل التوحد والزهايمر، لكن الأبحاث لا تزال جارية لفهم علاقتها بالأمراض العصبية.

هل كل الطفرات الجينية ضارة؟

الكثير من الطفرات الجينية التي تظهر في البشر تكون غير ضارة. بعضها يحدث في مناطق غير فعالة من الجينوم، وبعضها يتم إصلاحه تلقائيًا.
بل وهناك طفرات نادرة تمنح الجسم مقاومة لبعض الأمراض، ما يبرز دور الطفرات في التنوع البيولوجي والتطور.

نحو طب جيني مخصص لكل فرد

مع تطور تقنيات تسلسل الحمض النووي، يمكن اليوم رصد الطفرات الجينية في الخلايا المفردة. وهذا التطور يفتح آفاقًا جديدة في الطب الشخصي، حيث يمكن توقع الإصابة بالأمراض أو تصميم علاجات مخصصة حسب التركيب الجيني لكل فرد.

“الطفرات موجودة دائمًا، السؤال هو متى وأين تؤثر فعليًا”، كما يقول تيغن.

الطفرات الجينية هي جزء من طبيعتنا

تظهر الطفرات الجينية طوال حياتهم، وهي ليست علامة على وجود خلل، بل على التغير المستمر داخل أجسامنا. فهم هذه الظاهرة يساعدنا على تطوير أدوات طبية أكثر دقة وتشخيص الأمراض مبكرًا، مما يفتح آفاقًا جديدة في علم الوراثة.

المصدر: Smithsonian Magazine – Why Is Every Human Being Riddled With Genetic Errors?

روابط داخلية:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *