كيف يتكون الضباب؟ شرح علمي مبسط لأنواع الضباب المختلفة
يضفي الضباب على الصباح الباكر لمسة من الغموض والجمال، حيث يحول المناظر الطبيعية المألوفة إلى لوحات فنية هادئة. في الواقع، هذه الظاهرة الطبيعية، التي قد تكون خطيرة أحيانًا على الطرقات والمطارات، ليست سوى سحابة تلامس سطح الأرض. ولكن، كيف يتكون الضباب؟ وما هي الشروط الجوية الدقيقة التي تؤدي إلى تشكله؟ لذلك، في هذا المقال، سنستكشف العلم البسيط وراء هذه الظاهرة، ونتعرف على أنواعها المختلفة.
الشرط الأساسي لتكوّن الضباب: الوصول إلى نقطة الندى
الاجابة على سؤال كيف يتكون الضباب، لا بد أن يبرد الهواء إلى درجة تجعله غير قادر على الاحتفاظ بكل بخار الماء الذي يحتويه.
عندها يبدأ بخار الماء بالتكثف على شكل قطرات دقيقة معلّقة في الهواء، وهو ما نراه كضباب أبيض كثيف.
ما هي نقطة الندى؟
نقطة الندى (Dew Point) هي درجة الحرارة التي يصبح عندها الهواء مشبعًا تمامًا ببخار الماء، أي تصل الرطوبة النسبية إلى 100%.
عند هذه النقطة، لا يستطيع الهواء الاحتفاظ بمزيد من البخار، فيبدأ جزء منه بالتحول إلى سائل.
كيف يحدث التكاثف؟
عندما يبرد الهواء الرطب تدريجيًا ويصل إلى نقطة الندى،
يتحول بخار الماء غير المرئي إلى قطرات مائية صغيرة جدًا، تتجمع في الجو وتشكل طبقة ضبابية قريبة من سطح الأرض.
جدول ملخص للمفاهيم الأساسية حول تكون الضباب
| المفهوم | الشرح | الخلاصة |
|---|---|---|
| آلية التكون | يجيب سؤال كيف يتكون الضباب بأن الهواء الرطب يبرد إلى نقطة الندى فيتكثف. | تبريد + رطوبة = ضباب. |
| التعريف | إن ما هو تعريف الضباب ببساطة هو سحابة تلامس سطح الأرض. | يعتمد على انخفاض الرؤية لأقل من 1 كم. |
| الأسباب والأنواع | إن ما هي أسباب تكون الضباب تختلف باختلاف أنواع الضباب (إشعاعي، أفقي، إلخ). | كل نوع له آلية تبريد مختلفة للهواء. |
| الضباب مقابل الشبورة | يوضح الفرق بين الضباب والشبورة أن الضباب أكثر كثافة ويقلل الرؤية بشكل أكبر. | الفرق يكمن في مدى الرؤية. |
الشرطان الأساسيان لتكوّن الضباب
لكي يتكوّن الضباب بشكل فعّال، يجب توفر شرطين رئيسيين:
- رطوبة كافية في الهواء (وجود كمية مناسبة من بخار الماء).
- آلية لتبريد الهواء حتى يصل إلى درجة حرارة نقطة الندى.
آليات تبريد الهواء
تختلف أنواع الضباب باختلاف الطريقة التي يبرد بها الهواء.
قد يبرد نتيجة ملامسته لسطح بارد (ضباب الإشعاع)، أو بسبب حركة الهواء الدافئ فوق منطقة باردة (ضباب التبخر أو ضباب الأودية).

أنواع الضباب الرئيسية وكيفية تكونها
على الرغم من أن كل الضباب يبدو متشابهًا، إلا أنه يتكون من خلال عمليات فيزيائية مختلفة.
1. الضباب الإشعاعي (Radiation Fog)
يُعد الضباب الإشعاعي أكثر أنواع الضباب شيوعًا، ويُلاحظ غالبًا في الصباح الباكر، خاصةً خلال الليالي الهادئة والصافية عندما تكون الرياح شبه معدومة.
كيف يتكوّن الضباب الإشعاعي؟
بعد غروب الشمس، تبدأ الأرض بفقدان حرارتها تدريجيًا عن طريق الإشعاع الحراري نحو الفضاء.
ومع برودة سطح الأرض، تبرد طبقة الهواء القريبة منها أيضًا.
الوصول إلى نقطة الندى
إذا كان الهواء المحيط رطبًا بما يكفي، فإن انخفاض حرارته يؤدي إلى وصوله إلى نقطة الندى.
عندها، يبدأ بخار الماء بالتكثف على شكل قطرات صغيرة جدًا، ليظهر الضباب.
أماكن تشكّله الشائعة
يتكوّن هذا النوع عادة في الوديان والمناطق المنخفضة،
حيث يكون الهواء ساكنًا، والرطوبة مرتفعة، ما يساعد على تراكم الضباب بالقرب من سطح الأرض.
خصائص الضباب الإشعاعي
- يتكوّن ليلاً ويزول بعد شروق الشمس عندما ترتفع الحرارة.
- يكون عادة رقيقًا وقريبًا من الأرض.
- أكثر شيوعًا في فصول الخريف والشتاء بسبب طول الليالي وبرودتها.
2. الضباب الأدفي (Advection Fog)
يُعرف أيضًا باسم ضباب الانسياب أو الانتقال، ويحدث عندما يتحرك الهواء الدافئ والرطب فوق سطح بارد، فيبرد الهواء تدريجيًا حتى يصل إلى نقطة الندى، فيتكثف بخار الماء ويتكوّن الضباب.
آلية التكوّن
عندما تهب الرياح وتدفع الهواء الدافئ فوق منطقة باردة (مثل سطح البحر أو اليابسة الباردة)،
يُفقد هذا الهواء حرارته تدريجيًا، وتزداد رطوبته النسبية حتى يحدث التكاثف وتظهر طبقة ضبابية ممتدة.
أماكن ظهوره
يتكوّن هذا النوع غالبًا فوق المناطق الساحلية والمحيطات،
مثل سواحل كاليفورنيا وبحر الشمال والخليج العربي، حيث يلتقي الهواء البحري الرطب مع تيارات باردة.
خصائصه المميزة
- يمكن أن يغطي مساحات واسعة.
- يستمر لفترات طويلة مقارنة بالضباب الإشعاعي.
- يظهر في كل الأوقات وليس فقط صباحًا، خاصة مع حركة الرياح المستمرة.

3. ضباب التبخر (Evaporation Fog)
يُعرف أيضًا باسم ضباب البخار (Steam Fog)، ويحدث عندما يتبخر الماء الدافئ من سطح ما ليلتقي بهواء بارد فوقه، فيتكاثف البخار فورًا مكوّنًا طبقة ضبابية منخفضة.
آلية التكوّن
عندما يمر هواء بارد فوق سطح ماء دافئ (مثل البحيرات أو الأنهار الدافئة)،
يتبخر الماء إلى الهواء، فترتفع رطوبته بسرعة، وتحدث عملية تكاثف فوري تشكل الضباب.
مثال واقعي
يمكن ملاحظة هذا النوع من الضباب في أيام الخريف الباردة عندما يتصاعد البخار من سطح البحيرات،
كما يظهر أحيانًا فوق المسطحات المائية الدافئة في الصباح الباكر.
خصائصه المميزة
- يتكوّن عادة فوق المياه الدافئة والأنهار.
- يظهر بشكل يشبه الدخان أو البخار المتصاعد.
- يكون محليًا ومؤقتًا ويختفي سريعًا مع ارتفاع درجة الحرارة.
ما الفرق بين الضباب والشابورة (الشبورة)؟
الفرق بينهما يعتمد ببساطة على مدى الرؤية الأفقية:
- الضباب (Fog): يُطلق هذا المصطلح عندما تكون الرؤية الأفقية **أقل من 1 كيلومتر**.
- الشابورة أو الضباب الخفيف (Mist): يُطلق هذا المصطلح عندما تكون الرؤية الأفقية **بين 1 و 2 كيلومتر**.
4. ضباب الوديان (Valley Fog)
يتكوّن ضباب الوديان عندما يبرد الهواء البارد ويهبط تدريجيًا نحو المناطق المنخفضة والوديان أثناء الليل، حيث يتجمّع هناك ويؤدي إلى تكاثف بخار الماء وتشكّل طبقة من الضباب الكثيف.
آلية التكوّن
خلال الليالي الهادئة والصافية، تبرد قمم الجبال سريعًا بالإشعاع، فينحدر الهواء البارد نحو الأسفل.
عندما يصل هذا الهواء إلى قاع الوادي، يبرد أكثر ويصل إلى نقطة الندى، فيبدأ بخار الماء بالتكاثف.
خصائصه المميزة
- يتركّز في الوديان والمناطق الجبلية المنخفضة.
- يستمر لفترات طويلة لأن الهواء البارد يبقى محصورًا.
- غالبًا ما يتبدد تدريجيًا مع طلوع الشمس وارتفاع الحرارة.
أمثلة على أماكن تشكّله
يُشاهد هذا النوع في مناطق مثل وادي النيل، ووادي كاليفورنيا، وبعض مناطق اللبنات الجبلية في أوروبا حيث تتجمع الكتل الهوائية الباردة.
5. ضباب الجبال (Upslope Fog)
يتكوّن ضباب الجبال عندما يصعد الهواء الرطب تدريجيًا على منحدر جبلي أو تلال مرتفعة.
ومع الارتفاع، يبرد الهواء بسبب الانخفاض التدريجي في درجة الحرارة، حتى يصل إلى نقطة الندى ويتكاثف بخار الماء.
آلية التكوّن
عندما تهب الرياح من مناطق منخفضة باتجاه الجبال،
تجبر التضاريس الهواء على الصعود لأعلى، فيتمدد ويبرد تلقائيًا،
وعند بلوغه درجة التشبع، يبدأ التكاثف ويتكوّن الضباب على السفوح.
خصائصه المميزة
- يتكوّن على المنحدرات والقمم الجبلية.
- يمتد أحيانًا لمسافات طويلة على طول الجبال.
- يبقى الضباب ما دامت الرياح تدفع الهواء الرطب للأعلى.
أماكن ظهوره
يُرى هذا النوع بوضوح في مناطق جبال الأطلس وجبال الألب وجبال الروكي،
ويُعتبر من المناظر الطبيعية الخلابة التي تضيف سحرًا خاصًا للمناطق الجبلية.
رقصة دقيقة بين الحرارة والرطوبة
في الختام، إن الإجابة على سؤال “كيف يتكون الضباب؟” تكشف عن رقصة فيزيائية دقيقة بين درجة حرارة الهواء ومحتواه من الرطوبة. فسواء كان الضباب يتشكل بسبب برودة الأرض ليلاً، أو حركة الهواء الدافئ فوق البحر البارد، فإن المبدأ الأساسي يظل واحدًا: تبريد الهواء الرطب حتى يتكثف بخار الماء. وهذا يوضح كيف أن الظواهر الجوية الأكثر غموضًا وجمالًا غالبًا ما تكون نتيجة لمبادئ علمية بسيطة وأنيقة.





