ما هو الفرق بين الضباب والشبورة؟ دليل علمي شامل
في صباح باكر بارد، قد تستيقظ لتجد العالم مغطى بستار أبيض رمادي يحجب الرؤية ويضفي على المشهد لمسة من الغموض. في الواقع، قد تصف هذا المشهد بأنه “ضباب” أو “شبورة”. ولكن، هل تساءلت يومًا: ما هو الفرق بين الضباب والشبورة علميًا؟ على الرغم من أننا نستخدم المصطلحين بالتبادل في حياتنا اليومية، إلا أن خبراء الأرصاد الجوية لديهم تعريف دقيق لكل منهما. لذلك، في هذا المقال الشامل، سنستكشف هذا الفارق الدقيق، ونغوص في العلم وراء تكون كل ظاهرة، ونفهم تأثيرهما المختلف على حياتنا.
التشابه الجوهري: كلاهما سحب تلامس الأرض
قبل أن نتحدث عن الفروقات، من المهم أن نفهم ما يجمع بين الضباب والشبورة. ببساطة، كلاهما عبارة عن سحابة منخفضة جدًا تلامس سطح الأرض. ويتكون كلاهما من قطرات ماء سائلة صغيرة جدًا (أو بلورات ثلجية في الطقس شديد البرودة) معلقة في الهواء. تحدث هذه الظاهرة عندما يبرد الهواء الرطب إلى درجة حرارة معينة تسمى “نقطة الندى” (Dew Point)، وهي النقطة التي يصبح عندها الهواء مشبعًا تمامًا ببخار الماء، فيبدأ هذا البخار في التكثف والتحول إلى قطرات سائلة.

الفرق العلمي الدقيق: كل شيء يتعلق بمدى الرؤية
إن المعيار العلمي الوحيد الذي تستخدمه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) للتمييز بين الضباب والشبورة هو **مدى الرؤية الأفقية**.
تعريف الضباب (Fog)
يُعرَّف الضباب بأنه ظاهرة جوية تقلل من مدى الرؤية الأفقية إلى **أقل من 1 كيلومتر (1,000 متر)**. وهذا يعني أنه إذا كنت لا تستطيع رؤية جسم يبعد عنك كيلومترًا واحدًا، فأنت رسميًا داخل ضباب. ونتيجة لذلك، يكون الضباب أكثر كثافة ويحتوي على تركيز أعلى من قطرات الماء في الهواء.
تعريف الشبورة (Mist)
تُعرَّف الشبورة (أو الشابورة كما تُلفظ في بعض المناطق) بأنها ظاهرة جوية يكون فيها مدى الرؤية الأفقية **بين 1 كيلومتر و 2 كيلومتر**. فهي أقل كثافة من الضباب، وقطرات الماء فيها أكثر تباعدًا. وبالتالي، تشعر بأنها “أخف” أو “أكثر رطوبة” من الضباب الكثيف والجاف أحيانًا.
كيف تتكون كل ظاهرة؟
تتشكل كل من الشبورة والضباب بنفس الآليات الفيزيائية، لكن شدة الظروف هي التي تحدد النتيجة النهائية.
1. الضباب الإشعاعي (Radiation Fog)
هذا هو النوع الأكثر شيوعًا. يتكون في الليالي الصافية والهادئة عندما تفقد الأرض حرارتها بسرعة، مما يؤدي إلى تبريد طبقة الهواء الملامسة لها. إذا كان التبريد كافيًا ليصل الهواء إلى نقطة الندى، تتكون الشبورة أولاً، وإذا استمر التبريد وزادت الرطوبة، تتحول إلى ضباب كثيف.
2. ضباب الحمل الأفقي (Advection Fog)
يتكون عندما يتحرك هواء دافئ ورطب فوق سطح أبرد. على سبيل المثال، عندما يمر هواء المحيط الدافئ فوق مياه ساحلية باردة. وهذا النوع غالبًا ما يكون ضبابًا كثيفًا ومستمرًا، مثل الضباب الشهير في سان فرانسيسكو.
جدول مقارنة سريع: الضباب مقابل الشبورة
| المعيار | الضباب (Fog) | الشبورة (Mist) |
|---|---|---|
| مدى الرؤية | أقل من 1 كيلومتر | بين 1 و 2 كيلومتر |
| الكثافة | عالية جدًا | متوسطة إلى منخفضة |
| الإحساس | يبدو “جافًا” وسميكًا، يحجب الأشكال | يبدو “رطبًا”، مثل رذاذ خفيف |
| التأثير على النقل | شديد الخطورة، يسبب إلغاء رحلات وتأخيرات كبيرة | يتطلب الحذر، لكنه أقل تأثيرًا بشكل عام |
مصطلحات جوية مشابهة يجب عدم الخلط بينها
لفهم ظواهر الطقس بدقة، من المهم التمييز بين الضباب والشبورة وغيرها من المصطلحات المتشابهة التي قد تبدو متقاربة، لكنها تختلف في التركيب والأسباب ومدى الرؤية.

الغَبَش (Haze)
يختلف الغبش عن الضباب تمامًا؛ فهو لا يتكوّن من قطرات ماء، بل من جسيمات دقيقة صلبة وجافة مثل الغبار أو الدخان أو الملوثات.
يظهر عادة في الأجواء الجافة، ويميل لونه إلى الأبيض المصفر أو البني حسب نوع الجسيمات.
الضباب الدخاني (Smog)
الضباب الدخاني هو مزيج معقّد من الضباب والدخان والملوثات الهوائية الناتجة عن عوادم السيارات والمصانع.
يُعد ظاهرة خطيرة على الصحة العامة، ويظهر غالبًا في المدن الصناعية الكبرى خاصة خلال الشتاء.
الشبورة (Mist)
الشبورة تشبه الضباب في تكوينها، لكنها أقل كثافة منه.
يكون مدى الرؤية فيها بين 1 إلى 5 كيلومترات، بينما في الضباب تقل الرؤية عن كيلومتر واحد.
لذلك تُعد الشبورة نسخة أخف من الضباب.
الدقة في وصف الطقس
الفرق بين الضباب والشبورة هو فرق في الدرجة فقط، فكلاهما سحب أرضية ناتجة عن التكاثف.
ومدى الرؤية هو العامل الحاسم علميًا.
ففي المرة القادمة التي تنظر فيها من نافذتك صباحًا، يمكنك تحديد ما تراه بدقة أكبر.
نصائح للقيادة في الضباب والشبورة
القيادة في أجواء الضباب أو الشبورة تتطلب انتباهًا مضاعفًا، لأن مدى الرؤية يكون محدودًا جدًا.
اتبع هذه الإرشادات لتقليل المخاطر وضمان سلامتك وسلامة الآخرين على الطريق.
1. استخدم أضواء الضباب
شغّل أضواء الضباب الأمامية والخلفية إن وُجدت، فهي مصممة لاختراق الضباب وتحسين الرؤية.
تجنب استخدام الأضواء العالية لأنها تنعكس على قطرات الماء وتقلل الرؤية.
2. خفّض السرعة
قدّر المسافة بصعوبة في الضباب، لذا خفّف سرعتك تدريجيًا.
احرص على ترك مسافة كافية بينك وبين السيارة التي أمامك لتفادي الاصطدامات المفاجئة.
3. استخدم المسّاحات ومزيل الضباب
شغّل مسّاحات الزجاج الأمامي ومزيل الضباب الداخلي للحفاظ على وضوح الرؤية.
نظّف الزجاج بانتظام لتجنّب تراكم الرطوبة أو البخار.
4. تجنّب التوقف المفاجئ
التوقف المفاجئ في الضباب يشكّل خطرًا كبيرًا.
إذا اضطررت للتوقف، اختر مكانًا آمنًا خارج الطريق، وشغّل أضواء التحذير الرباعية.
5. حافظ على التركيز الكامل
لا تنشغل بالهاتف أو الراديو.
القيادة في الضباب تحتاج إلى انتباه تام، فكل ثانية مهمة لتجنّب المخاطر المحتملة.
الضباب ظاهرة طبيعية ساحرة ولكنها تتطلب الحذر
يُعد الضباب من أكثر الظواهر الجوية غموضًا وجمالًا، فهو يضفي على الطبيعة مشهدًا شاعريًا هادئًا، لكنه في الوقت نفسه يخفي الكثير من المخاطر.
فهم أسبابه وأنواعه، ومعرفة كيفية التعامل معه، يجعلنا نستمتع بسحره بأمان ووعي.
اقرأ في مقالنا عن: كيف يتكون الضباب؟ شرح علمي مبسط لأنواع الضباب المختلفة





