استقر «المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية» بمصر، على اختيار منطقة «جبل الرجوم» بجنوب سيناء، ليكون موقعاً لـ«أكبر مرصد فلكي في الشرق الأوسط»، يتم إنشاؤه ليكون بديلاً لمرصد القطامية الفلكي، الذي يوجد على بعد 80 كيلومتراً من وسط العاصمة القاهرة
وأنشئ مرصد القطامية عام 1964، ليكون امتداداً لمرصد حلوان الذي تم تدشينه عام 1903، والذي يعتبر من أقدم المعاهد البحثية في مصر والشرق الأوسط
وكما أن مرصد القطامية الفلكي، الذي احتفل في سبتمبر (أيلول) الماضي بعامه الثامن والخمسين، لم ينهِ مرصد حلوان، وصار لكل منهما استخداماته، يقول جاد القاضي، رئيس «المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية»، لـ«الشرق الأوسط»، إن مشروع مرصد «جبل الرجوم»، لن ينهي عمل مرصد القطامية؛ إذ سيتحول الأخير إلى مركز تدريب عالمي على علوم الفلك والفضاء
وأوضح القاضي أن «التكلفة التقديرية للمشروع تبلغ 100 مليون دولار؛ إذ يسعى المعهد الذي دُشن في بدايات القرن الماضي (عام 1903)، إلى أن يكون التلسكوب الجديد بمواصفات تفوق تلسكوب القطامية»
ويبلغ قُطر مرآة تلسكوب القطامية، مترين فقط، وهو الأكبر حتى الآن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حين يسعى معهد الفلك إلى أن يكون قُطر مرآة التلسكوب الجديد 6.5 متر، ليكون «الأكبر بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط»، كما يوضح القاضي
ويضيف: «تلسكوب بهذه المواصفات، سيساعدنا على الاستفادة من عدد الليالي الصافية في مصر، الذي يفوق دول حوض البحر الأبيض المتوسط، لتحقيق إنجازات أكبر في مجال الرصد الفلكي، تفوق ما حققه مرصد القطامية»
ونجح مرصد القطامية الفلكي خلال الشهور الأخيرة في تحقيق إنجازات علمية عالمية، منها رصد أقوى الانفجارات النجمية وأشدها سطوعاً على الإطلاق، وهو انفجار لنجم حدث على بعد 2.4 مليار سنة ضوئية من الأرض، وكان ذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كما اكتشف المرصد أحد النجوم المتغيرة في أغسطس (آب) الماضي، وتم تسجيل الاكتشاف بالموقع الدولي للرابطة الأميركية لراصدي النجوم المُتغيرة (AAVSO)، وهي الجهة الدولية المنوط بها تسجيل واعتماد الاكتشافات العلمية للنجوم المُتغيرة، ورفع هذا الاكتشاف عدد النجوم المُكتشفة حديثاً والمُسجلة باسم مصر ومرصد القطامية الفلكي إلى 11 نجماً
ورغم ما تحقق من إنجازات، فإن «المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية»، يسعى لتحقيق المزيد من الإنجازات في رصد أعماق الكون، وهو النشاط الذي بدأ يتأثر بالتلوث الضوئي الناتج عن الزحف العمراني، والذي يؤثر على الأرصاد التي تتم من خلال المرصد
ويقول أشرف شاكر، رئيس قسم الفلك بالمعهد: «من المتوقع أن تزداد صعوبة الرصد من مرصد القطامية مع بدء تسكين المشروعات السكنية في العاصمة الإدارية الجديدة القريبة جداً من مرصد القطامية، وهو ما عجّل بضرورة العمل على إنشاء مرصد جديد»
ويضيف: «لجان من المعهد جابت أنحاء مصر بحثاً عن مكان، وتم اختيار المكان الجديد في جنوب سيناء بعد أن وجدنا أنه ينطبق عليه كل الشروط، من حيث إنه مكان مرتفع، وبعيد عن الكتلة السكنية والتلوث الضوئي ليلاً، كما أن دراسات الأرصاد الجوية أثبتت ملاءمته أيضاً»
واستمرت دراسات الأرصاد الجوية على الموقع لمدة عام، لكي تشمل فصول السنة الأربعة، لاختبار عدة عناصر تؤثر على الرصد، من بينها الرطوبة ودوامات الهواء