كما هو معروفٌ عن القطب المتجمد الجنوبي ، فهو مكان غير مضياف للحياة الطبيعية نظرًا للتدني الشديد في درجات الحرارة، مع هبوب رياح ثلجية قوية ربما هذا الأمر يجعلنا نتساءل عن قدرة الأسماك في التكيف والعيش في هذه الظروف القاهرة، خاصةً أنها من الكائنات الحساسة للتغيرات البيئية ويمكن أن تموت لأبسط الأسباب
مخلوقات بدمٍ بارد
الأسماك من ذوات الدم البارد، وهي عبارة كثيرًا ما تتكرر على مسامعنا لكننا لا ندرك معناها بالتحديد! الكائن الحي من ذوات الدم البارد هو حيوان تعتمد درجة حرارة جسمه على البيئة المحيطة به. يظهر ذلك في الأسماك والزواحف والبرمائيات الأخرى
من ناحية أخرى، يمكن للحيوانات ذوات الدم الحار الحفاظ على درجة حرارة أجسامها. إذ تواجه معظم الحيوانات ذوات الدم الحار القليل من المشاكل عند التكيف مع مجموعة من درجات الحرارة المختلفة. ويظهر هذا في الغالب في الثدييات والطيور
تكيفت بعض الأسماك مع نظام ذوات الدم الحار، مثل التونة ذات الزعانف الزرقاء في المحيط الهادئ، والتي تُظهر تبادلًا للحرارة من الشرايين والأوردة. سمكة الأوباه، وهي سمكة وجدت في هاواي، هي في الواقع من ذوات الدم الحار
مع ذلك، ليس هكذا الحال مع الأسماك التي تعيش في القطب المتجمد الجنوبي، حيث أنها من ذوات الدم البارد، لكنهم طوروا تكيفًا مثيرًا للاهتمام
مخاطر درجات الحرارة المتدنية في القطب المتجمد الجنوبي
من المهم أن يستمر تدفق الدم في جميع أنحاء جسم الكائن الحي ليظل على قيد الحياة. فالدم عبارة عن ناقل للأكسجين والمواد الغذائية إلى أنحاء الجسم المختلفة، فماذا سيحدث للدم العادي في كائنات القطب الجنوبي؟
كقاعدة عامة، فإن جزء كبير من دمائنا هو الماء – 90% منه، وهذا يعني أن دماءنا ستتجمد في القطب الجنوبي. بسبب محتوى الملح المرتفع في المحيط، تنخفض درجة حرارة الماء المتجمد إلى -1.9 درجة مئوية
تؤدي درجة الحرارة تحت الصفر إلى تكوين بلورات الجليد في الدم. وعندما تتشكل هذه البلورات، فإنها تلحق الضرر بجميع خلايانا
تجد الأسماك بالتحديد من ذوات الدم البارد طرقًا أخرى لمكافحة الانخفاض الحاد في درجات الحرارة، حيث أنها لا تعتمد على حرارة جسمها فقط لتنجو
دم مضاد للتجمد
عندما نقول مضاد للتجمد، فنعني بذلك مركبات معينة تُضاف إلى الماء لتقلل درجة تجمده. الطريقة التي يعمل بها مانع التجمد النموذجي هي منع تكون بلورات الثلج
لدى أسماك القطب المتجمد مركبات تسمى “بروتينات مضادة للتجمد” في جسم السمكة، ويتم إنتاج هذه المركبات كأي بروتين آخر في الجسم
يتشكل الجليد عندما ينضغط الماء في شبكة بلورية معينة. ما يعنيه هذا هو أن الماء يتكثف مع اقتراب الجزيئات من بعضها البعض، ومع تناقص الفضاء بين الجزيئات، تجذب جزيئات الماء بعضها البعض بقوة أكبر، مما يؤدي إلى تكوين شبكة بلورية
تدخل البروتينات المضادة للتجمد في دم السمكة إلى هذه الخطوط البلورية وتمنعها من الالتحام معًا. إذا مُنعت البلورات من الالتحام ببعضها البعض، فلا يمكنها تكوين جليد في الدم. على الأقل، لا يمكنهم تكوين بلورات ثلجية كبيرة بما يكفي لإحداث أي ضرر لأجسامهم
لم تكن أسماك أنتاركتيكا الوحيدة من الكائنات الحية التي طورت هذه الخاصية للتكيف مع الطيعة. توجد البروتينات المضادة للتجمد في العديد من الكائنات الأخرى، منها الدياتومات الجليدية وبعض أنواع البكتيريا، وكذلك فطريات العفن الثلجي وحتى بعض الخنافس
الشيء المثير للاهتمام هو أن هذه التكيفات تطورت بطرق مختلفة، ولكن انتهى بها الأمر بتحقيق نفس النتيجة
الخلاصة
تعمل البروتينات المضادة للتجمد على حماية دم الأسماك في القطب المتجمد الجنوبي من تكوين البلورات الثلجية والالتحام فيما بينها، الأمر الذي يحميها في النهاية من الموت متجمدةً بفعل درجات الحرارة المتدنية