ما هي أعظم شجرة خلقها الله تعالى ولم يتجاوزها أحد ، كيف وصفها ، وأين موضعها تحديدًا




قال تعالى: {وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى، عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، عنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى}

رحلة الإسراء والمعراج هي واحدة من معجزات رسولنا الكريم وفيها أمره الله بأعظم عبادة وهي الصلاة ورأى من خلالها عدة أشياء خص الله بها نبيه دونًا عن سائر البشر..

وفي هذه الرحلة العظيمة التي رافقه بها سيدنا جبريل عليه السلام من المسجد الأقصى حتى السماء السابعة وعندها وصلوا إلى (سدرة المنتهى) حينها رأى النبي سيدنا جبريل على هيئته الحقيقية للمرة الثانية قال تعالى (وَلَقَد رَآَه نَزْلَة أُخْرَى) أي أنها المرة الثانية بعد أن ظهر له في غار حراء

ولكن سيدنا جبريل عليه السلام لم يتجاوز سدرة المنتهى لأن علم الملائكة والمخلوقات يتوقف عند حدها، ولا يستطيع أن يتجاوزها مخلوق ، يقول النووي: سميت سِدْرَةَ الْمُنْتَهَى لأَنَّ علم الملائِكة ينتهِي إِليها، ولم يجاوزها أَحدٌ إِلاَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم..

فما هي سدرة المنتهى؟ ولماذا سميت بهذا الاسم وبعد أن شاهدها رسول الله وعرف أن علم الخلائق ينتهي إليها وكيف وصفها للصحابة عندما رجع؟

سدرة المنتهى شجرة عظيمة في السماء السابعة، وهي حَدٌّ فاصل لا يتجاوزه أحد؛ فهي المنتهى لكل رحلة، إلا رحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن الشجرة أصلها في السماء السادسة بينما جسمها الأعظم في السماء السابعة

أشجار السدر معروفة لسكان الجزيرة العربية ولكن لله سبحانه وتعالى حكمة في جعل شجرة سدرة المنتهى أعظم شجرة خلقت، قال الماوردي عندما سئُل لماذا اختيرت السدرة، فقال: لأن السِدرة تختص بثلاثة أوصاف: ظل مديد، وطعم لذيذ، ورائحة ذكية فشابهت الإيمان الذي يجمع قولًا وعملًا ونية..

ولكن لماذا أطلقَ عليها (المنتهى)؟ ذكرنا في بداية الثريد أن علم الخلائق ينتهي عندها لكن العلماء لم يجمعوا أن هذا السبب وراء تسميتها بالمنتهى واختلفت الأقوال في السبب وراء تسميتها بالمنتهى لكن القرطبي رحمه الله في تفسيره ذكر جميع الأقوال..

قال الضحاك: أن الأعمال تنتهي إليها وتُقبض منها قال كعب: لانتهاء الملائكة والأنبياء إليها ووقوفهم عندها قال الربيع بن أنس سميت سدرة المنتهى لأنه ينتهي إليها أرواح الشهداء..

وتلخيص اقوالهم جميعا رضي الله عنهم هو أن علم الخلائق جميعهم ينتهي إليها وتذهب إليها أرواح الشهداء والمؤمنين، وحتى الملائكة لا تستطيع أن تتجاوزها وقد وصفها رسول الله بأحسن وصف وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أنس بن مالك..

عندما عُرج النبي إلى السماء السابعة مع جبريل عليه السلام واستفتح سيدنا جبريل فقال له الملك الذي على السماء السابعة من؟ فقال أنا جبريل ومعي محمد صلى الله عليه وسلم فقال المَلك وقد بُعث إليه؟ قال قد بُعث إليه فلما دخل رسول الله وجد إبراهيم عليه السلام مسندًا ظهره على البيت المعمور

ويدخله كل يوم 70 ألف ملكًا لا يعودون إليه، ثم ذهب به سيدنا جبريل إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها (بمعنى ثمرها) كالقلال (بمعنى الجرات) وورقها كأنها آذان الفيول، فلما غشيها من أمر الله ما غشي تغيرت (أي غطتها مخلوقات كأنها طيور من ذهب) فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها

هكذا وصفها النبي صلى الله عليه وسلم جمالها لأصحابه، ولكن ماهي الأربعة أنهار التي شاهدها رسول الله تنبع من أصل سدرة المنتهى وقالها لأصحابه ورواها سيدنا مالك بن العصعصه الأنصاري رضي الله عنه؟

عن مالك بن صعصعة الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: في أصلها أربع أنهار نهران باطِنان ونهران ظاهران فسألت جبريل فقال: أما الباطنان ففِي الجنة وأما الظاهران النيلُ والفُرات

ومعنى الحديث أن سدرة المنتهى ينبع من أصلها أربع أنهار اثنان منهم بالجنة وهم الباطنان اللذان لا يعلمهم إلا الله والظاهران اللذان نعلمهم هم النيلُ والفرات بمعنى أوضح أن النيل والفرات هم نهرين منبعهم سدرة المنتهى..

قَالَ النَّوَوِيّ رحمه في شرحه: “في هذا الحديث أَن أصل النيل والفُرات من الجَنَة، وأنَهما يخرجان من أصل سِدرَة المُنتَهَى، ثم يسيران حيث شاء الله، ثم ينزلان إلى الأرض، ثم يسيران فيها ثم يخرجان منها، وهذا لا يمنعه العقل، وقد شَهِد به ظاهر الخبر فليُعتَمَد”

عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} تفسير هذه الآية أن عند سدرة المنتهى الجنة وهذا دليل على أن الجنة في السماء السابعة، ودخلها النبي صلى الله عليه وسلم ووصفها لأصحابه وقال فيها جنابذ اللؤلؤ بمعنى قباب مفردها (قبه) وترابها من المسك وفيها مالا عين رات ولا أذن سمعت..

ملاحظة: هل معنى أن أعظم شجرة خلقها الله تعالى وهي سدرة المنتهى يعني أن شجر السدر الذي على الارض مبارك؟ لم يثبت أن شجر السدر الموجود على سطح الأرض الآن مبارك أو به مزية تجعله مختلفًا عن بقية الأشجار فهو يعتبر مثل بقية الأشجار وليس مباركا ومن هذا القبيل

فالختام: اللهم (ﺳِﺪْﺭَﺓِ ﺍﻟْﻤُﻨْﺘَﻬَﻰ)، اللهم (ﺟَﻨَّﺔُ ﺍﻟْﻤَﺄْﻭَﻯ)..

مصادر: -تفسير القرطبي. -أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير. – السلسلة الصحيحة للألباني.