قدم اكتشاف الحمض النووي عام 1869 خدمات جليلة للبشرية في جميع المجالات، لعل أهمها أنه أكد وحدة الجنس البشري وقضى على أوهام تفوق جنس على آخر تأتى ذلك من خلال إثبات أن أكثر من 99.9٪ من المركبات المعروفة باسم “جينوم” لدى كل شخص متماثلة تماما، فيما هي بنسبة 100٪ فقط إذا كانا توأمين متماثلين
هذا العلم لم يربط جميع البشر على الأرض على اختلاف بشرتهم ولون عيونهم ومظهرهم الخارجي فقط، بل ووجد أقارب لنا في الحمض النووي من الكائنات الأخرى هذا الأمر هام جدا لتأكيده وحدة الأرض في نسيج متناغم ومترابط، وذلك قد يخفف من تعالي الإنسان وتكبره ليس فقط على أبناء جلدته بل وعلى الكائنات الأخرى في الكوكب
وجد العلماء علاقات تربطنا بفصائل من الحيوانات نتقاسم وإياها نسبة من الحمض النووي يجعلها قريبة منا بدرجات متفاوتة. من بين 9 من الحيوانات المختلفة يوجد بينها ما هو بمثابة إخوة وأخوات، وبعضها ابن عم وبنات أعمام
يأتي الشمبانزي في المرتبة الأولى، حيث أثبت العلماء في عام 2005 أن “الشمبانزي” يتشارك معنا بحسب المناطق الجغرافية بنسبة تتراوح بين 98.6 و99 في المائة من حمضنا النووي هذا النوع من القردة أقرب إلينا من الغوريلا. ومن اللافت أن إناث الشمبانزي لديها أيضا دورة إنجابية مماثلة لدورة البشر، حيث يصل معظمها إلى مرحلة النضج الجنسي قبل أو أثناء سنوات المراهقة، ولديها كذلك فترة حمل لمدة 8 أشهر تقريبا
البونونو، وهو نوع من القردة، تبين فقط في عام 2012 أنه لا يختلف إلا في القليل مع الشمبانزي، ويتشارك النوعان في 99.6 في المائة من حمضهما النووي. هذا يعني أن هذا النوع قريب تقريبا من البشر في تسلسل الجينوم مثل الشمبانزي الخبراء في هذا المجال يعتقدون أن الأنواع الثلاثة، الجنس البشري والشمبانزي والبونونو انفصلت عن سلف مشترك على المسار التطوري بين 4 و7 ملايين سنة مضت، في حين توصف البونوبو، بأنها الأكثر عاطفية بين جميع أنواع القردة.
اما الغوريلا والتي ربما لا يستسيغ البعض وجود قرابة للبشر بها في الحمض النووي، فهي على الرغم من مظهرها الخارجي، قريبة منا ونتشارك معها في 98 في المائة من التسلسل الجيني ويعتقد العلماء أننا انقطعنا عن أسلاف مشتركين منذ حوالي 10 ملايين عام. ومن المفارقات أن العلماء اكتشفوا أن بعض الجينات المشتركة في حمضنا النووي تسبب أمراضا مثل الخرف إلا أن الغوريلا عكس الإنسان، لا تصاب به مرتبة القرابة الرابعة من نصيب إنسان الغاب أو السعلاة والمعروف أيضا باسم “أورانجوتان”.يعد هذا النوع من القردة أبعد قليلا في أسفل شجرة العائلة ويشترك بنسبة 97 في المئة من الحمض النووي مع البشر
ويتميز سلوك ذكور هذه السلالة الحيوانية بتقديم عروض لإظهار “قوتها” أمام خصومهم من خلال القفز وتحطيم ما حولهم قبل خوض عمار القتال، ما يعني أن لديهم حب الظهور مثل الكثير من ذكور البشر
قردة “جيبون” هي الأخرى تنتمي إلى عائلة أشباه البشر، وقد طور هذا النوع منذ حوالي 4 ملايين سنة أذرعا وأكتافا تسمح لهم الآن بالتأرجح عبر أغصان الأشجار من دون عناء، فيما حددت إحدى الدراسات أن جيبون يستخدم ما لا يقل عن 26 صوتا تشبه الأصوات التي كان البشر الأوائل يصدرونها قبل 1.8 مليون عام
يتناسب عدد كبير من الأنواع مع تعريف القردة وهي أكثر من 260 في آخر تصنيف. وجد الباحثون مؤخرا أن العديد من جوانب دماغنا التي تتحكم في عمليات تفكيرنا تشبه تلك الموجودة لدى القرود. وبعض المناطق الأكثر تشابها تلك التي تسبب الوسواس القهري وتعاطي المخدرات
العلماء يقولون أيضا إننا تطورنا أيضا من الليمور، وكان لنا جد مشترك، وهي قريبة “وراثيا” منا من اللافت أن أكثر من 70 في المائة من جميع أنواع الليمور مهددة بالانقراض في الوقت الحالي، وأكبر الجناة في انقراضهما هم البشر، أقرباؤهم من جد بعيد
النوع الحيواني الثامن في درجة القرابة مع البشر قد يندهش له البعض! إنها القطط، وهي تشترك معنا في 90% من جيناتنا، وقد تآلفت معنا منذ أكثر من 10000 عام ، ومنذ ذلك الحين لم تقطع صلتها بنا النوع الحيواني التاسع ربما أكثر إدهاشا من سابق! إنها الأبقار
الأبحاث الحديثة أثبتت أننا نتشارك في الجينوم مع الأبقار، أكثر من القوارض. ويرجع السبب في ذلك إلى أن القوارض والحيوانات الصغيرة تتكاثر بوتيرة سريعة ما يؤدي إلى تطور أسرع في الحمض النووي، وهي بمرور الزمن أصبحت أكثر بعدا عنا من غيرها.
المصدر: RT