تعد شجرة صنوبر بريستلكون في كاليفورنيا من أقدم الأشجار المعروفة على الأرض، إذ قُدر عمرها بنحو 5 آلاف عام، وقد احتفظت بالفعل بلقب أقدم شجرة على وجه الأرض حتى عام 2022
تعيش الأشجار أطول من البشر وأطول من أي شيء آخر على وجه الأرض، فهي تعيش بداية من 50 عاما إلى أكثر من بضعة آلاف من السنين حسب الأنواع.
وتعد شجرة صنوبر بريستلكون (bristlecone pine) المهيبة في كاليفورنيا من أقدم الأشجار المعروفة على الأرض، إذ قُدر عمرها بنحو 5 آلاف عام، وقد احتفظت بالفعل بلقب أقدم شجرة على وجه الأرض حتى عام 2022، حين تم العثور على شجرة سرو في تشيلي، التي تعد أقدم منها بأكثر من 600 عام، إضافة إلى شجرة التنوب في السويد التي قدر علماء الطبيعة عمرها بـ10 آلاف عام، إلا أن حساب عمرها لا يخلو من الجدل.
شجر التنوب في السويد.. اكتشاف لا يخلو من الجدل
وفقا لموقع “هاو ستف وركس” (How Stuff Works)، فإنه لرؤية أقدم شجرة في العالم، يجب على المرء أن يسافر إلى قمة جبل في السويد يدعى جبل “فولو” (Fulu)، حيث عثر على شجرة “التنوب” التي يقدر عمرها بما يقرب من 10 آلاف عام.
اكتشف شجرة التنوب هذه العلماء الذين قاموا بمسح أنواع الأشجار في جبل “فولو” في مقاطعة دالارنا عام 2004. وقد تم تأكيد عمرها من خلال تأريخ الكربون عام 2008.
ومن ثم قاد ليف كولمان، أستاذ الجغرافيا الفيزيائية في جامعة “أوميو” السويدية (Umeå universitet)، فريقا من الباحثين إلى بقعة بالقرب من قمة الجبل، حيث وجدوا مجموعة من أشجار التنوب التي يزيد عمرها على 8 آلاف عام، ومن بينها دليل على وجود شجرة واحدة منذ 9550 عاما. أطلق كولمان على الشجرة اسم “أولد تجيكو” (Old Tjikko) تكريما لكلبه الراحل.
ومع ذلك، فإن اكتشاف شجرة التنوب الجبلية لا يخلو من الجدل؛ إذ يُعزى عمر الشجرة إلى نظام جذرها الذي يعيش طويلا. أما الجزء المرئي منها (أي الجذع والفروع والمخاريط والإبر)، فهو يعيش لنحو 600 عام فقط. فعندما يموت الجذع، يتكون جذع مستنسخ جديد ليحل محله. وفي هذا الصدد، يقول الباحثون إن القدرة على استبدال جذع جديد من نظام جذر الشجرة كان عاملا أساسيا لبقائها فترة طويلة. ويتساءل العلماء هل تعتبر تلك شجرة واحدة، وهو سؤال ربما يحتاج العلماء والباحثون إلى مناقشته.
شجرة صنوبر بريستلكون في كاليفورنيا.. لماذا تعيش طويلا جدا؟
يطلق على شجرة صنوبر بريستلكون، التي تضرب بجذورها في الجبال البيضاء شرقي كاليفورنيا، اسم “ميثوسيلا” (Methuselah). وكان يعتقد حتى وقت قريب أنها الشجرة الأقدم في العالم.
ولكن لماذا تعيش شجرة صنوبر بريستلكون طويلا؟ يجيب موقع “تريز أتلانتا” (Trees Atlanta) عن هذا السؤال بأن هذه الأشجار تنتمي إلى فئة تسمى الكائنات المتطرفة، التي تعني الأنواع التي يمكن أن تتحمل ظروفا بيئية قاسية، بما في ذلك درجات الحرارة القصوى ودرجات الحرارة شديدة البرودة المرتبطة بالرياح العاتية، بالإضافة إلى معدل النمو البطيء كما أنها تُكون خشبا كثيفا.
ونظرا للنمو البطيء والخشب الكثيف، فإن خشب الصنوبر ذا السطح الخشن مقاوم للحشرات والفطريات والعفن والتآكل. كما أن قلة الغطاء النباتي تجعل أشجار الصنوبر بريستلكون نادرا ما تتأثر بحرائق الغابات.
شجرة السرو في تشيلي
تم اكتشاف شجرة سرو باتاغونيا في تشيلي عام 2022، وتُعرف باسم “غران أبويلو” (Gran Abuelo)، أي الجد الأكبر أو “أليرثي ميليناريو” (Alerce Milenario)، ويُعتقد أنها مرشحة لتصبح أقدم شجرة في العالم، ويمكن أن تحل محل صنوبر بريستلكون، إذ يقدر عمر هذه الشجرة التي وجدت تنمو في واد بحديقة أليرس كوستيرو الوطنية في تشيلي، بـ5484 عاما، وهي أقدم من شجرة “ميثوسيلا” بأكثر من 600 عام.
وكان عالم البيئة التشيلي جوناثان باريشيفيتش، هو الذي عثر على الشجرة ودرسها، ولكن نظرا لأنه قدر عمر الشجرة بناء على عينة جزئية من اللب، فلا يزال هناك بعض الجدل حول دقة التقدير.
كيف يعرف العلماء عمر الأشجار؟
يستخدم علماء الطبيعة علم “دندروكورنولوجي” (Dendrochronology) ليتمكنوا من تحديد عمر الشجرة، وذلك عن طريق عد الحلقات الموجودة في مقطع من جذعها، وهذه الحلقات المقطعية التي تعرف أيضا بحلقات النمو، تعطي معلومات دقيقة عن الظروف البيئية التي تحيط بالشجرة، وهي ممارسة تم استخدامها منذ نحو 500 عام.
وتتمثل إحدى طرق تحديد عمر الشجرة في قطعها بالقرب من القاعدة لحساب حلقاتها، لكن العلماء يتبعون طريقة مختلفة لحساب عمر الشجر الأقدم، لأنه من غير المنطقي قطع شجرة يصل عمرها إلى آلاف السنين لمعرفة عمرها.
توصل العلماء إلى استخدام طريقة أخرى لتحديد عمر الأشجار من دون قطعها من خلال استخدام الحفار، وهو أداة يمكنها الحفر وسط الشجرة فوق نحو 20% من مركز الجذع، وسحبها بعد إزالة أسطوانة من الجذع. ستظهر الأسطوانة الرفيعة المستخرجة من الشجرة جميع حلقاتها التي يمكنها تحديد عمرها بدقة. ويمكن حساب حلقات النمو هذه سواء كانت الشجرة حية أو ميتة.
أهمية الأشجار القديمة للعلماء والبيئة
يذكر موقع “يو إس إيه توداي” (USA Today) أنه من بين العديد من الفوائد البيئية التي توفرها الأشجار، فإن تنقية الهواء من خلال توفير الأكسجين وامتصاص ثاني أكسيد الكربون هي الفائدة الأكثر قيمة للإنسان. فقد أصبحت الأشجار، خصوصا وسط الآثار العالمية لتغير المناخ، أكثر أهمية لإبطاء الآثار الضارة للأنشطة البشرية مثل حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات وغير ذلك.
وتعتبر الأشجار من أقدم الكائنات الحية المعروفة على وجه الأرض. فقد تمكنت بعض الأشجار من النجاة من الحروب العالمية والكوارث الطبيعية بسبب امتلاكها قدرات فريدة للبقاء على قيد الحياة، بما في ذلك استبدال أجزاء النبات التالفة، وإطلاق مركبات دفاعية لدرء الآفات والطفيليات.
أما بالنسبة للأشجار المعمرة، فهي تعتبر ذات أهمية كبرى للعلماء، إذ يتم اعتبارها مقياسا لتغير المناخ. فمن خلال دراسة العينات الأساسية للأشجار يمكن للعلماء رؤية تأثير التغيرات البيئية على الأشجار والمناطق المحيطة بها.
وهنا تتم دراسة حلقات الأشجار، لتحديد تغير المناخ في العصور السابقة. وتشير حلقة واحدة من هذه الحلقات إلى نمو الشجرة في عام واحد، ويمكن للعلماء التحقق مما إذا كانت هذه السنة سنة جفاف، حيث تكون الحلقة ضيقة، أو كانت سنة بها رطوبة زائدة وأمطار، حيث تكون الحلقة عريضة.
ووفقا لموقع “ساينس إيه بي سي” (Science ABC)، فإنه يمكن أن تساعد هذه الاختلافات في درجة الحرارة وهطول الأمطار في تقدير تطور تغير المناخ، كما تكون دليلا لأي تغييرات طويلة الأجل في نظام بيئي معين، إضافة إلى أن تتبع الاتجاهات الطويلة المدى في تغير المناخ قد يشير إلى ما يخبئه لنا المستقبل.
اترك تعليقاً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.