الإنفاق السياحي في السعودية

الإنفاق السياحي في السعودية لعام 2024: نمو ملحوظ يعكس رؤية طموحة

في السنوات الأخيرة، تحوّلت السياحة في المملكة العربية السعودية من قطاع ناشئ إلى محرك أساسي في الاقتصاد الوطني، وذلك ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030. ومع نهاية عام 2024، كشفت التقارير الرسمية عن أرقام لافتة في الإنفاق السياحي، تؤكد أن المملكة تسير بخطى متسارعة نحو تحقيق طموحاتها في جعل السياحة أحد أعمدة الاقتصاد غير النفطي.

في هذا المقال، نستعرض تفاصيل الإنفاق السياحي في عام 2024، والعوامل التي ساهمت في نموه، ومدى انعكاس ذلك على رؤية السعودية الطموحة للتحول السياحي والاقتصادي.

نمو قياسي في الإنفاق السياحي

بحسب أحدث بيانات وزارة السياحة السعودية والبنك المركزي السعودي (ساما)، بلغ حجم الإنفاق السياحي لعام 2024 أكثر من 150 مليار ريال سعودي، بزيادة تجاوزت 30% مقارنة بالعام 2023.

ويُعد هذا الرقم الأعلى في تاريخ المملكة، ويشمل الإنفاق من السياح المحليين والدوليين، على خدمات مثل:

  • الإقامة والفنادق
  • المواصلات
  • الترفيه والمطاعم
  • التسوق
  • الجولات الثقافية والدينية

ويُظهر هذا النمو التصاعدي إقبالاً متزايدًا على اكتشاف الوجهات السعودية المتنوعة، من العلا إلى الرياض، ومن جدة إلى عسير.

السياحة الداخلية: مساهمة فعالة في الإنفاق

أحد أبرز مكونات هذا النمو هو الإنفاق من قبل السياح المحليين، الذين بدأوا يفضّلون قضاء عطلاتهم داخل المملكة، نظرًا لتنوع الوجهات وتطور البنية التحتية.

تُشير الأرقام إلى أن 60% من إجمالي الإنفاق السياحي خلال 2024 جاء من السياحة المحلية، وهو مؤشر مهم يعكس نجاح الحملات الوطنية التي روّجت لـ”اكتشف السعودية” و”صيفنا على جوك”.

ومن أبرز الوجهات التي شهدت ارتفاعًا في الطلب والإنفاق:

  • الباحة وأبها خلال فصل الصيف
  • الرياض كمركز فعاليات ومعارض
  • العلا بسبب الفعاليات الثقافية
  • جدة كنقطة جذب بحرية وأسواق تاريخية

السياحة الدولية: السعودية على الخريطة العالمية

استقبلت المملكة خلال 2024 أكثر من 27 مليون سائح دولي، ما جعلها تتصدّر قائمة الدول العربية من حيث تدفقات السياحة الوافدة. وقد ساهم هؤلاء السياح بأكثر من 60 مليار ريال سعودي من حجم الإنفاق الإجمالي.

العوامل التي ساعدت في ذلك تشمل:

  • تسهيلات التأشيرة الإلكترونية السياحية
  • إطلاق الخطوط الجوية السعودية وجهات مباشرة جديدة
  • تنظيم مهرجانات عالمية مثل موسم الرياض وفورمولا إي وMDLBEAST Soundstorm
  • توسع خدمات الضيافة الفاخرة والمنتجعات الساحلية

دور رؤية السعودية 2030 في تحفيز السياحة

تحقيق هذه الأرقام في عام واحد لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة مباشرة لاستراتيجية السياحة الوطنية ضمن رؤية 2030، والتي تهدف إلى:

  • رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10%
  • استقطاب 100 مليون زيارة سياحية سنوية بحلول عام 2030
  • توفير أكثر من 1.6 مليون وظيفة في القطاع
  • تعزيز الاستثمار الأجنبي في البنية التحتية السياحية

الجهود شملت تطوير الوجهات، وتحسين تجربة السائح، وتحفيز الابتكار، مثل إدخال التقنيات الذكية، والاعتماد على الذكاء الاصطناعي في إدارة الخدمات السياحية.

السياحة الثقافية والدينية: إنفاق نوعي

شكّلت السياحة الدينية والثقافية عنصرًا مهمًا في نمو الإنفاق، إذ سجّل موسم العمرة والحج لعام 2024 مستويات قياسية، مع استقطاب ملايين الزوار من آسيا وأفريقيا وأوروبا.

كما ساهمت مشاريع مثل:

  • حي الطريف في الدرعية
  • مهرجان شتاء طنطورة
  • معارض الخط العربي والفنون الإسلامية

في جذب فئة من السياح الباحثين عن تجربة ثقافية أصيلة، ما أدى إلى إنفاق أطول وأعلى قيمة للفرد مقارنة بالسياحة الترفيهية فقط.

فرص استثمارية واعدة

نمو الإنفاق السياحي جذب انتباه المستثمرين المحليين والعالميين، ما شجّع على:

  • بناء فنادق ومنتجعات جديدة
  • إطلاق شركات سياحية ناشئة
  • توسعة خدمات النقل الداخلي والجوي
  • تطوير وجهات طبيعية مثل الجزر والشواطئ

ويتوقع أن يشهد عام 2025 إطلاق مزيد من المشاريع الكبرى مثل نيوم، أمالا، والقدية، ما يُعزز الإنفاق المستقبلي ويزيد من تنوع التجربة السياحية.

التحديات القادمة

رغم النجاح الواضح، لا تخلو الرحلة من تحديات، أبرزها:

  • الاستدامة البيئية أمام الضغط السياحي
  • تطوير الكوادر البشرية المحلية
  • ضمان تجربة سياحية موحدة وعالية الجودة في جميع المناطق
  • التعامل مع المنافسة الإقليمية من دول مثل الإمارات ومصر

لكن المؤشرات توحي بأن المملكة تمتلك القدرة، والبنية، والرؤية لتجاوز هذه التحديات بثقة.

روابط داخلية مقترحة:

مصدر خارجي موثوق:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *