طقوس الموت الغريبة أغرب 5 طقوس للموت في العالم: من الرقص مع الموتى إلى دفن السماء
طقوس الموت الغريبة. الموت هو الحقيقة الكونية الوحيدة التي تشترك فيها البشرية جمعاء. لكن، الطرق التي تتعامل بها الثقافات المختلفة مع هذه النهاية المحتومة قد تكون مذهلة، صادمة، ومدهشة في تنوعها. في الواقع، بعيدًا عن مراسم الدفن أو الحرق المألوفة، تمارس بعض المجتمعات طقوسًا فريدة لإكرام موتاهم والتعامل مع فكرة الفقد. فهذه الطقوس ليست مجرد ممارسات عشوائية، بل هي نوافذ عميقة نطل منها على فلسفة هذه الشعوب، معتقداتها الدينية، وعلاقتها بالطبيعة والحياة الأخرى.
لذلك، في هذا المقال طقوس الموت الغريبة، سنأخذك في رحلة حول العالم لاستكشاف بعض من أغرب وأكثر طقوس الموت إثارة للدهشة. أولاً، سنسافر إلى قمم جبال الهيمالايا لنشهد طقس “دفن السماء” الروحاني. بعد ذلك، سننتقل إلى مدغشقر لنشارك في “رقصة الموت” الاحتفالية. علاوة على ذلك، سنستكشف أسرار المومياوات المدخنة في الفلبين والجنازات الفضائية الحديثة. وفي النهاية، سنحاول فهم الأسباب العميقة التي تجعل كل ثقافة تعبر عن حزنها وتكريمها للموتى بطريقتها الفريدة.
1. طقس دفن السماء – التبت ومنغوليا: الجسد كقربان أخير
يعتبر طقس “دفن السماء” (Sky Burial) واحدًا من أكثر الطقوس إثارة للصدمة من منظور خارجي، ولكنه يحمل معنى بوذيًا عميقًا. ففي الهضاب المرتفعة في التبت وأجزاء من منغوليا، حيث تكون التربة صخرية ومتجمدة معظم أيام السنة، يصبح الدفن التقليدي أمرًا صعبًا للغاية. بالإضافة إلى ذلك، هناك ندرة في الأخشاب اللازمة للحرق.
فلسفة الطقس
وفقًا للبوذية التبتية، فإن الجسد بعد الموت هو مجرد وعاء فارغ، والروح قد انتقلت بالفعل إلى حياة أخرى. لذلك، لا توجد حاجة للحفاظ عليه. وبدلاً من ذلك، يتم تقديم الجسد كقربان أخير للطبيعة. حيث يتم نقل جثة المتوفى إلى قمة جبل معين. هناك، يقوم شخص متخصص يُعرف بـ “روغيابا” (rogyapa) بتقطيع الجثة إلى أجزاء صغيرة. بعد ذلك، تُترك هذه الأجزاء لتتغذى عليها النسور والطيور الجارحة الأخرى. وتُعتبر رؤية الطيور وهي تأكل الجسد بالكامل علامة جيدة، ترمز إلى أن المتوفى كان شخصًا صالحًا وأن روحه صعدت إلى السماء بسلام.

2. فاماديهانا (Famadihana) – مدغشقر: الرقص مع الموتى
في مرتفعات مدغشقر، لدى شعب “الملجاش” تقليد فريد ومبهج يُعرف باسم “فاماديهانا” أو “تقليب العظام”. وهو احتفال لا يُقام عند الوفاة، بل كل سبع سنوات تقريبًا. حيث تجتمع العائلات عند مقابر أسلافهم، ويقومون بإخراج رفات أحبائهم من القبور.
احتفال وليس حدادًا
إن هذا الطقس ليس كئيبًا على الإطلاق. بل هو احتفال صاخب مليء بالموسيقى والرقص. حيث يتم تنظيف العظام بعناية ولفها في أكفان جديدة من الحرير. بعد ذلك، يحمل أفراد العائلة الرفات على أكتافهم ويرقصون بها على أنغام الموسيقى الحية حول القبر. إنها فرصة للعائلة لتتواصل من جديد مع أسلافها، وليروي كبار السن قصصهم للصغار. ويعتقدون أن الأرواح لا تنتقل إلى العالم الآخر بشكل نهائي إلا بعد أن يتحلل الجسد تمامًا، وأن هذا الاحتفال يساعد الروح في رحلتها.
3. المومياوات المدخنة في كابايان – الفلبين: الحفاظ على الأسلاف
في الكهوف الجبلية النائية في كابايان بالفلبين، تمارس قبيلة “إيبالوي” شكلاً فريدًا من أشكال التحنيط. وهذه العملية ليست مثل التحنيط المصري القديم الذي يعتمد على المواد الكيميائية. بل هي عملية طويلة ومعقدة تعتمد على التجفيف والتدخين.
عملية التحنيط
عندما يقترب شخص مهم في القبيلة من الموت، يُعطى شرابًا مالحًا جدًا لبدء عملية تجفيف الجسم من الداخل. وبعد الوفاة، يتم غسل الجثة ووضعها في وضعية الجلوس فوق نار هادئة. وتستمر عملية “التدخين” البطيئة هذه لعدة أشهر. وخلال هذه الفترة، يتم نفخ دخان التبغ في فم المتوفى للمساعدة في تجفيف الأعضاء الداخلية. وفي النهاية، يتم وضع المومياء المحفوظة جيدًا في تابوت خشبي بيضاوي الشكل وتُوضع في كهوف الأجداد. وللأسف، توقفت هذه الممارسة بعد وصول المسيحية، لكن المومياوات لا تزال موجودة وتعتبر كنزًا وطنيًا.

4. قبور الأشجار للأطفال – إندونيسيا: العودة إلى رحم الطبيعة
في منطقة تانا توراجا في إندونيسيا، وهي منطقة تشتهر بطقوس الموت المتقنة، هناك عادة خاصة ومؤثرة لدفن الأطفال الرضع الذين يموتون قبل أن تنمو أسنانهم. فبدلاً من دفنهم في الأرض، تقوم العائلات بنحت تجويف في جذع شجرة تارّة حية وكبيرة. بعد ذلك، يتم لف جثة الطفل بالقماش ووضعها داخل هذا التجويف. ثم يتم تغطية الفتحة بألياف شجر النخيل.
فلسفة الطقس
يعتقد شعب توراجا أن الطفل الذي لم تنبت أسنانه لا يزال نقيًا وبريئًا. وبدفنه داخل شجرة حية، فإنهم يعيدونه إلى “رحم” الطبيعة. ومع مرور الوقت، يلتئم لحاء الشجرة وينمو حول التجويف. وبذلك، يعتقدون أن روح الطفل ستستمر في النمو مع الشجرة وتصعد إلى السماء معها. إنها طريقة رمزية جميلة لدمج دورة الحياة والموت مع دورة نمو الطبيعة.

5. الجنازات الفضائية – الولايات المتحدة: الراحة الأبدية بين النجوم
ننتقل الآن من الطقوس القديمة إلى عادة حديثة للغاية تعكس عصر الفضاء. فقد أصبح من الممكن الآن إرسال رفات أحبائك إلى الفضاء. حيث تقدم شركات متخصصة، مثل “سيليستيس” (Celestis)، خدمة “الجنازات الفضائية”. وتقوم هذه الشركات بوضع جزء صغير من رماد الجثة المحروقة (حوالي 1-7 جرامات) في كبسولة صغيرة. بعد ذلك، يتم إطلاق هذه الكبسولة على متن صاروخ إلى مدار الأرض، أو حتى إلى الفضاء السحيق أو سطح القمر.
على الرغم من أن هذه الخدمة باهظة الثمن، إلا أنها تجذب الأشخاص الذين كانوا يحلمون دائمًا بالفضاء، مثل العلماء ورواد الفضاء وهواة الخيال العلمي. وقد تم إرسال رماد شخصيات شهيرة مثل جين رودينبيري (مبتكر سلسلة “ستار تريك”) إلى الفضاء. إنها طريقة حديثة وفريدة لتكريم ذكرى شخص ما، وتحويل نهايته إلى رحلة كونية أبدية.

لماذا تختلف طقوس الموت الغريبة بين الثقافات؟
إن هذا التنوع المذهل في طقوس الموت الغريبة ليس عشوائيًا. بل يعود إلى مجموعة معقدة من العوامل التي تشكل نظرة كل مجتمع إلى الحياة والموت.
- المعتقدات الدينية والفلسفية: تلعب المعتقدات حول الحياة بعد الموت والروح دورًا رئيسيًا. فالثقافات التي تؤمن بالتقمص (مثل البوذية) قد ترى الجسد كوعاء مؤقت. بينما الثقافات التي تؤمن بالبعث الجسدي قد تركز على الحفاظ على الجسد.
- البيئة الجغرافية: تؤثر البيئة بشكل مباشر على الخيارات المتاحة. فكما رأينا، أدى نقص الأخشاب والتربة الصالحة للدفن في التبت إلى ظهور طقس دفن السماء.
- التراث والتقاليد: تستمر العديد من هذه العادات منذ قرون. وبالتالي، تصبح جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمجتمع، تمامًا مثل أبرز العادات والتقاليد العربية.
تختلف طقوس الموت الغريبة باختلاف الثقافات والشعوب، إذ يرى بعضهم أن الموت ليس نهاية بل بداية لمرحلة جديدة، ولذلك تظهر عادات مدهشة مثل الرقص مع الموتى في بعض الجزر، أو دفن السماء حيث تُقدَّم الجثامين للطيور كطقس روحي. وتكشف طقوس الموت في الثقافات المتنوعة عن نظرة الإنسان للغياب الأبدي، كما تسلط الضوء على طقوس الدفن حول العالم التي تحمل دلالات دينية واجتماعية عميقة، تعكس تقدير الإنسان للحياة والموت عبر التاريخ.
لغات الحزن المتعددة
في الختام، على الرغم من أن طقوس الموت الغريبة قد تبدو صادمة أو غير مألوفة من منظورنا، إلا أنها تحمل في طياتها احترامًا عميقًا للحياة والموت. إنها تظهر الطرق المتعددة التي تحاول بها البشرية فهم هذا اللغز الأبدي والتعامل مع ألم الفقد. وهي تذكرنا بأن الحزن له لغات كثيرة، وأن ما يوحدنا جميعًا ليس طريقة تعاملنا مع الموت، بل حقيقة أننا جميعًا سنواجهه يومًا ما.
اقرأ في مقالنا عن:
- أغرب 10 عادات ثقافية حول العالم: من كسر الأطباق إلى القفز فوق الأطفال
- قصة اللون الأسود: من رمز للخوف إلى ملك الأناقة والفخامة
- عادات وتقاليد غريبة أعجب العادات والتقاليد حول العالم التي لن تصدقها
- طقوس الموت الغريبة أغرب 5 طقوس للموت في العالم: من الرقص مع الموتى إلى دفن السماء
- أبرز العادات والتقاليد العربية الغريبة في أوطاننا العربية
- لماذا يُرمَز إلى الشيطان بالماعز؟ القصة الكاملة من بان إلى بافوميت
- اللون الذي تراه ليس أسودًا: حين تُغمض عينيك… ماذا ترى فعلًا
- الألوان عند إغلاق العينين: بين الدماغ والضوء والوهم
- لماذا لا يمر الضوء عبر الأجسام غير الشفافة؟ شرح علمي مبسط
- عادات وتقاليد غريبة أعجب العادات والتقاليد حول العالم التي لن تصدقها
- أقل الدول جذبًا للسياح: 10 كنوز منسية على خريطة العالم
- الحصان التركماني الذهبي: أسطورة الجمال والقوة في عالم الخيول
8 من أغرب طقوس دفن الموتى في العالم.. كيف تكون اللحظات الأخيرة للراحلين؟





