شعر أحمر! لماذا يمتلك بعض البشر شعرًا أحمر؟
شعر أحمر ليس فقط سمة جمالية مميزة، بل هو ظاهرة وراثية نادرة تثير اهتمام العلماء والمجتمعات منذ قرون.
يُقدر أن فقط 1 إلى 2% من سكان العالم يمتلكون شعرًا أحمر، مما يجعلها من أكثر السمات الجينية ندرة بين البشر.
لكن لماذا يظهر هذا اللون تحديدًا؟ ما الجين المسؤول عنه؟ وأين يكثر وجود الأشخاص ذوي الشعر الأحمر؟ وهل هناك ارتباط بين هذا الشعر وخصائص صحية أو سلوكية؟ هذا ما سنعرفه في هذا المقال الشامل.
ما السبب العلمي وراء الشعر الأحمر؟
السبب الرئيسي لظهور هذا الشعر يعود إلى تحور في جين MC1R، وهو الجين المسؤول عن تنظيم صبغة الميلانين في الجسم.
يوجد نوعان رئيسيان من الميلانين:
- إيوميلانين (Eumelanin): يعطي اللون الأسود أو البني.
- فيوميلانين (Pheomelanin): يعطي اللون الأحمر أو الأشقر.
الأشخاص ذوو الشعر الأحمر يمتلكون تحورًا في جين MC1R يؤدي إلى تقليل إنتاج الإيوميلانين وزيادة إنتاج الفيو ميلانين، مما يؤدي إلى ظهور الشعر باللون الأحمر، وأحيانًا البشرة الفاتحة والنمش.
هل الشعر الأحمر وراثي؟
نعم، هذا الشعر ينتقل عبر الوراثة بطريقة متنحية.
وهذا يعني أن الشخص يحتاج إلى نسختين من الجين المتحوّر (واحدة من كل والد) ليظهر عليه الشعر الأحمر.
- إذا كان كلا الوالدين حاملين للجين، فهناك احتمال 25% أن يولد الطفل بشعر أحمر.
- حتى لو لم يكن لدى الوالدين شعر أحمر، قد يُولد طفل أحمر الشعر إذا كان كلاهما يحمل الجين المتنحي.
المعلومة المثيرة: أكثر من 40% من الأشخاص في بعض مناطق أوروبا الشمالية يحملون هذا الجين، حتى لو لم يظهر عليهم الشعر الأحمر.
أين ينتشر هذا الشعر أكثر شيء؟
رغم ندرته عالميًا، إلا أن انتشار هذا الشعر أعلى بكثير في بعض الدول الأوروبية، خصوصًا:
الدولة | نسبة السكان ذوي الشعر الأحمر |
---|---|
إسكتلندا | 13% |
إيرلندا | 10% |
ويلز | 6% |
إنجلترا | 4% |
وهذا ما جعل الكثيرين يربطون هذا الشعر بالتراث الكلتي والجرماني.
لكن الجين نفسه موجود في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يظهر حتى في مناطق مثل الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، لكنه نادر جدًا هناك.
هل يختلف أصحاب هذا الشعر في خصائص أخرى؟
نعم، أظهرت دراسات علمية أن هناك بعض الخصائص البيولوجية التي قد تكون مرتبطة بالشعر الأحمر، منها:
1. الحساسية للألم
أظهرت أبحاث أن ذوي هذا الشعر قد يكونون أكثر حساسية لبعض أنواع الألم، وأقل حساسية لأدوية التخدير الموضعي.
2. البشرة الفاتحة
عادة ما تكون بشرتهم فاتحة جدًا، مما يجعلهم أكثر عرضة لحروق الشمس بسبب انخفاض نسبة الميلانين.
3. النمش
غالبًا ما يكون مصحوبًا بنمش طبيعي، نتيجة لتراكم الفيو ميلانين.
4. العين الفاتحة
الكثير من أصحاب هذا الشعر يمتلكون عيونًا خضراء أو زرقاء، مما يزيد من فرادتهم.
لكن يجب التنويه أن هذه الخصائص ليست قواعد ثابتة، بل ترتبط بعوامل متعددة.

أساطير وخرافات عن أصحاب هذا الشعر
في العديد من الثقافات، كان يُنظر إلى أصحاب هذا الشعر بغرابة أو رهبة:
- في أوروبا القرون الوسطى، اعتقد البعض أن هذا الشعر مرتبط بـ “الدم الساخن” أو الشراسة.
- في بعض الأساطير، كان يُقال إنهم يمتلكون “قوة سحرية” أو حدسًا غير عادي.
- في الأدب والسينما، غالبًا ما تُصوّر الشخصية ذات الشعر على أنها قوية، مستقلة، أو غامضة.
أما اليوم، فأصبح هذا الشعر رمزًا للجاذبية والتميّز، حتى أن الكثيرين يلجؤون إلى صبغ شعرهم باللون الأحمر للحصول على هذه الإطلالة الفريدة.
هل سيتلاشى هذا الشعر من العالم؟
أثيرت شائعات قديمة أن هذا الشعر في طريقه للانقراض بسبب قلّة من يحملون الجين. لكن العلماء يؤكدون أن:
- الجين المتنحي لا يختفي، بل يبقى كامناً في الجينات.
- قد تمر أجيال دون أن يظهر، ثم يظهر فجأة في أحد الأحفاد.
إذن، لا داعي للقلق — هذا الشعر سيبقى موجودًا، لكنه سيبقى نادرًا، مما يزيد من خصوصيته.
روابط علمية مفيدة:
جمال نادر وتاريخ غني
الشعر لونه الاحمر ليس فقط سمة لونية، بل هو حكاية وراثية نادرة، وميزة تثير الفضول في الثقافات حول العالم.
ورغم أن حامليه يشكلون أقل من 2% من البشرية، إلا أنهم يتركون بصمتهم في كل مكان — في الفن، الأدب، الطب، وحتى الجينات.
فإذا كنت تملك شعرًا أحمر، أو تعرف أحدًا يملكه، فأنت أمام سحر جيني فريد يستحق التقدير والاحتفاء.
الطفرات الجينية في البشر: لماذا يحتوي كل إنسان على أخطاء في الحمض النووي؟