البرق: ظاهرة طبيعية مذهلة وأسرارها العلمية
مقدمة: البرق… حين يتكلم الضوء بلغة السماء
في ليلةٍ ممطرةٍ، تتلألأ السماء فجأة بوميضٍ خاطفٍ يشقّ الظلام، يتبعه صوتٌ مزلزل يوقظ القلوب. إنه البرق، تلك الظاهرة المهيبة التي تُذكّر الإنسان بعظمة الطبيعة وقوة الخالق، ومزيجٍ من الجمال والرعب، يجمع بين الضوء والصوت، بين الدهشة والخوف، ويحمل في كل ومضةٍ رسالة عن النظام والدقة التي يسير بها الكون.
يُعرّف العلماء هذه الظاهرة المذهلة بأنه تفريغ كهربائي مفاجئ يحدث في الغلاف الجوي، عندما تتراكم شحنات كهربائية في السحب، فتسعى للتوازن عبر شرارةٍ ضخمة تنتقل بين السحب أو نحو الأرض. وفي لحظةٍ خاطفة، يُطلق البرق طاقة تعادل ملايين الفولتات، وحرارة تفوق سطح الشمس بخمس مرات، لتُحدث ومضة تضيء السماء وتُحدث تفاعلات في الهواء.

قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الرعد: 12]، آية تلخّص الموقف البشري أمام البرق: خوفًا من صواعقه، وطمعًا في مطره، في مزيجٍ فريدٍ من الهيبة والرجاء، يعكس علاقة الإنسان بالكون من حوله. وفي هذا التوازن بين القوة والجمال، نجد درسًا في الإيمان والتفكر في الخلق.
في هذا المقال، سنغوص معًا في أسرار البرق، كيف يتكوّن؟ ما أنواعه؟ وما علاقته بالرعد؟ كما سنكتشف كيف يراه العلم والقرآن، وما يحمله من دلالات روحية وعلمية، تجعل من ومضةٍ واحدة نافذةً على أسرار السماء والطبيعة.
كيف يتكوّن البرق؟
تتكوّن هذه الومضة عندما تتجمع الشحنات الكهربائية داخل السحب الركامية. تتحرك الجسيمات المشحونة بفعل التيارات الهوائية، فيتكوّن فرق كبير في الجهد بين أجزاء السحابة، أو بينها وبين سطح الأرض. وحين يصبح الفرق كافيًا، يحدث تفريغ كهربائي مفاجئ يُطلق شرارةً ضخمة، هي ما نراه في السماء على شكل ومضة البرق.

1. أنواع البرق
يُصنّف العلماء هذه الومضة إلى أنواعٍ مختلفة بحسب مكان حدوثه واتجاهه:
| النوع | الوصف | الاتجاه |
|---|---|---|
| الومضة السحابي | تفريغ كهربائي بين سحابتين | من سحابة إلى أخرى |
| الومضة الأرضي | تفريغ كهربائي بين السحابة والأرض | من السماء إلى الأرض |
| الومضة الصاعد | شرارة تصعد من الأبراج العالية نحو السماء | من الأرض إلى السحب |
| الومضة الكروي | ظاهرة نادرة لكرات مضيئة تدوم ثوانٍ | يتحرك أفقياً |
2. العلاقة بين البرق والرعد
عندما تمر هذه الومضة عبر الهواء، يُسخّنه بسرعة هائلة، فتتمدد جزيئات الهواء وتنفجر موجة صوتية نسميها الرعد. ولهذا نرى البرق أولاً ثم نسمع الرعد، لأن الضوء ينتقل أسرع من الصوت.
3. قوة هذه الومضة وتأثيرها على البيئة
يُطلق البرق طاقة كهربائية هائلة قادرة على إشعال حرائق أو تدمير معدات كهربائية، لكن له دورًا بيئيًا مهمًا؛ إذ يُسهم في إنتاج غاز الأوزون وتجديد دورة النيتروجين في الغلاف الجوي، ما يجعله عنصرًا ضروريًا في توازن الحياة على الأرض.

هذه الومضة السماوية في القرآن
جاء ذكر هذه الومضة في القرآن الكريم في سياقاتٍ عدة، تُظهر دقته وجماله وعظمته. قال تعالى: ﴿يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ﴾ [البقرة: 20]، إشارة إلى شدته وسطوعه الذي يُدهش الأبصار ويثير الرهبة. كما قال سبحانه: ﴿وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ﴾ [الرعد: 13]، في وصفٍ بديعٍ للرعد ككائنٍ يسبّح بحمد الله، فما البرق والرعد إلا مشهدان من مشاهد التسبيح الكوني الذي يملأ السماوات والأرض.
تأملات إيمانية
إن هذه الومضة تذكّر الإنسان بقوة الله التي لا تُقاوم، وبالنظام الدقيق الذي يحكم الكون. فكل ومضةٍ منه آية، وكل شرارةٍ درسٌ في التوازن بين الخوف والرجاء، وبين العظمة والرحمة، فالبرق الذي يُخيف هو ذاته الذي يحمل المطر والخير.
الأسئلة الشائعة حول البرق
هل البرق خطر على الإنسان؟
نعم، يُعد البرق من أخطر الظواهر الجوية التي قد تُهدد حياة الإنسان إذا لم تُتخذ الاحتياطات اللازمة. فعندما يضرب البرق الأرض، يبحث عن أقصر طريق لتفريغ شحنته الكهربائية الهائلة، وغالبًا ما تكون الأجسام الطويلة أو المعدنية مثل الأشجار، وأعمدة الكهرباء، والمباني المرتفعة، هي الوجهة الأولى لهذه الصواعق، ما يجعل الوقوف في الأماكن المكشوفة أثناء العواصف أمرًا بالغ الخطورة.
تُقدّر الطاقة التي يحملها وميضه الواحد بما يقارب مليار فولت، وحرارته قد تصل إلى 30 ألف درجة مئوية، أي أكثر من خمسة أضعاف حرارة سطح الشمس. ولهذا يمكن أن يُسبب البرق حروقًا شديدة، أو توقفًا مفاجئًا في القلب والجهاز العصبي، إذا أصاب الإنسان مباشرة أو عبر ملامسة جسمٍ معدني موصل للكهرباء.
وللوقاية من مخاطر هذه الومضة، ينصح الخبراء بالابتعاد عن المساحات المفتوحة، وتجنّب الوقوف تحت الأشجار أو بالقرب من المياه، وإغلاق الأجهزة الإلكترونية داخل المنازل أثناء العواصف الرعدية. كما يُستحسن اللجوء إلى المباني المغلقة أو السيارات التي تُوفّر حماية جزئية بفضل هيكلها المعدني. قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الرعد: 12]، فهي ومضةٌ تُذكّر الإنسان بعظمة الخالق، وتدعوه في الوقت ذاته إلى الحذر والتدبّر.
وعلى الرغم من خطره، فإن هذه الومضة نحمل جانبًا نافعًا للطبيعة، فهو يُسهم في تكوين غاز النيتروجين في التربة، ويُعيد توازن الشحنات الكهربائية في الغلاف الجوي، مما يجعله جزءًا أساسيًا من النظام البيئي للأرض، آيةٌ تجمع بين القوة والخير، بين الخوف والطمع، كما وصفها القرآن الكريم بدقةٍ معجزة.
هل يمكن التنبؤ بمكان ضرب البرق؟
يمكن التنبؤ بالعواصف الرعدية عمومًا، لكن موقع الضربة الدقيقة يبقى صعب التحديد.
هل البرق ظاهرة أرضية فقط؟
لا، فقد تم رصد برق في كواكب أخرى مثل المشتري وزحل، ما يؤكد أنه ظاهرة كونية شاملة.
هل هناك علاقة بين البرق وتغير المناخ؟
بعض الدراسات تشير إلى زيادة تواتر العواصف الرعدية مع ارتفاع درجات الحرارة عالميًا.
روابط داخلية لمقالات مشابهة
ومضة من السماء تذكّرنا بعظمة الخالق
يبقى البرق مشهدًا من مشاهد القدرة الإلهية، آيةً من آيات الجمال والقوة، تذكّر الإنسان بضعفه أمام عظمة الخلق. كل ومضةٍ تحمل درسًا في التفكر، وفيها خوفٌ وطمع، رهبةٌ ورجاء، قال تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [الرعد: 12]. فسبحان من جعل من الضوء والظلام لسانًا ينطق بعظمة الخالق في كل لحظةٍ من لحظات المطر.
يكثر حدوثها في هذا الوقت من العام.. ما يجب أن تعرفه عن البرق والصواعق





